فيلم بداية ونهاية

سنة الإنتاج: 1960
عدد الأجزاء: 1
المدة: 130 دقيقة
الجودة: متوفر بجودة عالية مرممة
البلد: مصر
الحالة: مكتمل
اللغة: العربية
عمر الشريف، سناء جميل، فريد شوقي، أمينة رزق، صلاح منصور، آمال فريد، قدرية كامل، شفيق نور الدين، ضحى أمير، حسين إسماعيل، عزيزة حلمي، ليلى كريم، زيزي مصطفى، ناهد سمير، أحمد فرحات.
الإخراج: صلاح أبو سيف
الإنتاج: ستوديو مصر، جبرائيل تلحمي
التأليف: نجيب محفوظ (رواية)، يوسف عيسى، صلاح أبو سيف (سيناريو وحوار)
فيلم بداية ونهاية: تحفة نجيب محفوظ الخالدة على الشاشة الذهبية
قصة عائلة مصرية في قلب الصراع والتحدي الاجتماعي
يُعد فيلم “بداية ونهاية”، الذي صدر عام 1960، علامة فارقة في تاريخ السينما المصرية والعربية. يقتبس الفيلم من رواية الأديب العالمي نجيب محفوظ، ويُخرجه الرائد صلاح أبو سيف، ليقدما معاً عملاً سينمائياً مؤثراً يتناول قصة أسرة تواجه أقسى التحديات بعد فقدان عمادها. يُسلط العمل الضوء على التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للفقر والضغوط الحياتية على مصير الأفراد، في تصوير واقعي ومؤلم لجوانب الحياة الإنسانية، ممزوجاً ببراعة الأداء وعمق الرسالة التي يتجاوز صداها الزمان والمكان.
قصة العمل الفني: مرآة المجتمع وعمق التراجيديا
يروي فيلم “بداية ونهاية” قصة عائلة السيد حسنين، التي تنهار حياتها بشكل مفاجئ بعد وفاته، تاركاً خلفه زوجته (أمينة رزق) وأبناءه الأربعة: حسين (عمر الشريف)، نفسية (سناء جميل)، حسن (فريد شوقي)، وممدوح (صلاح منصور). يجد الأخ الأكبر حسين نفسه مجبراً على التخلي عن طموحاته الأكاديمية والعمل لإعالة أسرته، في محاولة يائسة للحفاظ على ما تبقى من كرامتهم ومكانتهم الاجتماعية المتهاوية. تتعقد الأمور مع تباين شخصيات الأبناء وتعارض طموحاتهم مع الظروف القاسية التي تفرضها الحياة.
يتعمق الفيلم في تحليل شخصيات الأبناء وكيف تتأثر قراراتهم بمحيطهم المعيشي الصعب. حسين، الشاب الطموح، يضحي بمستقبله من أجل عائلته، لكن هذه التضحية تلقي بظلالها على نفسيته. نفسية، التي تحلم بحياة كريمة، تجد نفسها عالقة في دوامة اليأس، مما يدفعها لاتخاذ قرارات مأساوية. حسن، الذي يرى في القوة وسيلة للبقاء، يتورط في عالم الإجرام، بينما ممدوح، الأخ الأصغر، يحاول الهروب من هذا الواقع المرير من خلال التعليم، مدركاً للمأساة التي تحيط بأسرته.
تتصاعد الأحداث الدرامية ببطء، كاشفة عن تفاصيل الحياة اليومية لهذه الأسرة المكافحة. الفيلم لا يكتفي بعرض الصراعات الخارجية فحسب، بل يتغلغل في أعماق النفس البشرية، ليُظهر الصراعات الداخلية والمعاناة التي يعيشها كل فرد. يتميز العمل بواقعيته الشديدة في تصوير تفاصيل المجتمع المصري في تلك الفترة، من خلال الديكورات، الأزياء، والحوارات التي تعكس الطبقات الاجتماعية المختلفة. يُعتبر “بداية ونهاية” رمزاً لمرحلة كاملة في تاريخ مصر، وتصويراً صادقاً لتداعيات الفقر والضغوط الاجتماعية على مصير الأفراد.
ينتهي الفيلم بنهاية تراجيدية ومؤثرة، تجسد بوضوح عنوانه، وتترك بصمة عميقة في تاريخ السينما المصرية. هذه النهاية الصادمة، التي كانت محط نقاش واسع، أكدت على جرأة الفيلم في تناول قضايا إنسانية عالمية تتجاوز الزمان والمكان، مثل اليأس، التضحية، الصمود، والبحث عن الكرامة. إنه فيلم يدعو للتفكير في الظروف التي تدفع الإنسان لاتخاذ قرارات مصيرية، وكيف يمكن للواقع أن يفرض نفسه على الأحلام والطموحات، مما يجعله عملاً فنياً خالداً يستحق المشاهدة والدراسة مراراً وتكراراً.
أبطال العمل الفني: عمالقة الشاشة المصرية وأداء خالد
جمع فيلم “بداية ونهاية” كوكبة من ألمع نجوم السينما المصرية في عصرها الذهبي، وقدم كل منهم أداءً استثنائياً لا يزال يُدرس حتى اليوم. هذا التناغم في الأداء هو أحد الأسباب الرئيسية لخلود الفيلم وتأثيره العميق على المشاهدين، مما جعله عملاً فنياً متكاملاً.
طاقم التمثيل الرئيسي
يبرز في الفيلم أداء النجم العالمي عمر الشريف في دور “حسين”، الأخ الأكبر المضحي، مقدماً واحداً من أروع أدواره في السينما المصرية قبل انطلاقته العالمية. أما دور “نفسية” فقد كان من نصيب سناء جميل، التي أبدعت في تجسيد شخصية الفتاة المقهورة التي تدفعها الظروف إلى طريق مأساوي، ويُعتبر هذا الدور أحد أيقونات أدائها. فريد شوقي في دور “حسن”، الأخ الشرير الذي يمثل الجانب المظلم من الصراع، أضاف للفيلم بعداً درامياً قوياً ببراعته المعهودة في أدوار الشر المعقدة. الفنانة القديرة أمينة رزق قدمت دور الأم المكلومة بصدق وعمق بالغ، مما جعلها محوراً عاطفياً للفيلم. صلاح منصور في دور “ممدوح”، الأخ الأصغر، أدى دوره بتلقائية أضافت للفيلم لمسة من البراءة.
فريق الإخراج والإنتاج والتأليف
الفيلم من إخراج المخرج الرائد صلاح أبو سيف، الذي يُعد أحد رواد الواقعية في السينما المصرية. استطاع أبو سيف تحويل رواية نجيب محفوظ المعقدة إلى عمل بصري مؤثر، محافظاً على عمق الرواية وروحها. أما التأليف، فهو مبني على رواية “بداية ونهاية” للأديب العالمي نجيب محفوظ، وشارك في كتابة السيناريو والحوار يوسف عيسى وصلاح أبو سيف نفسه، مما ضمن ترجمة دقيقة وثرية للنص الأصلي. الإنتاج جاء من ستوديو مصر، أحد أعرق استوديوهات السينما المصرية، بالتعاون مع جبرائيل تلحمي، ما ضمن للفيلم جودة إنتاجية عالية في تلك الفترة. لقد كانت رؤية صلاح أبو سيف الجريئة، المقترنة بعمق رواية نجيب محفوظ، وبراعة فريق التمثيل والإنتاج، هي العوامل التي جعلت من “بداية ونهاية” فيلماً خالداً يستمر تأثيره عبر الأجيال.
تقييمات ومنصات التقييم العالمية والمحلية
يُعتبر فيلم “بداية ونهاية” من الأفلام التي تحظى بتقدير كبير على الصعيدين المحلي والعالمي، خاصة في الأوساط النقدية والأكاديمية المهتمة بالسينما الكلاسيكية. على الرغم من أن الفيلم أنتج في عام 1960، وقبل عصر المنصات الرقمية الحديثة، إلا أنه حافظ على مكانته العالية في قوائم أفضل الأفلام العربية. على منصات التقييم العالمية مثل IMDb، يحظى الفيلم بتقييمات مرتفعة تتراوح عادةً بين 7.5 و 8.0 من أصل 10، مما يعكس قبوله الواسع كعمل فني ذي قيمة. هذه التقييمات ليست فقط من الجمهور العربي، بل من مشاهدين ونقاد حول العالم يقدرون القيمة الفنية والدرامية للعمل، ويُشار إليه كنموذج للسينما الواقعية المصرية، ويُدرس في العديد من المعاهد السينمائية لعمق قصته وأداء ممثليه.
محلياً وعربياً، يُعتبر “بداية ونهاية” تحفة فنية، ويحتل مراتب متقدمة في استطلاعات الرأي وقوائم أفضل الأفلام المصرية على الإطلاق. النقاد العرب يجمعون على أهميته التاريخية والفنية، وكيف أنه مهد الطريق للعديد من الأعمال الواقعية التي تلت ذلك. يُعرض الفيلم باستمرار على القنوات الفضائية المتخصصة في الأفلام الكلاسيكية، ويُحتفى به في المهرجانات السينمائية التي تحتفي بتاريخ السينما. هذا الإجماع النقدي والجماهيري يؤكد على مكانته كأحد أركان السينما العربية، وعمله الفني الذي تجاوز كل التوقعات.
آراء النقاد: إشادة بتاريخية وتناول واقعي
تجمع آراء النقاد على أن فيلم “بداية ونهاية” يُعد قمة في مسيرة المخرج صلاح أبو سيف وفي تاريخ السينما المصرية ككل. أشاد النقاد ببراعة الفيلم في تحويل رواية نجيب محفوظ المعقدة إلى سيناريو محكم ومؤثر، حافظ على عمق الشخصيات والصراعات النفسية التي تناولتها الرواية الأصلية. كان التركيز على الواقعية الاجتماعية في الفيلم محل إشادة واسعة، حيث قدم صورة صادقة ومؤلمة للطبقات الفقيرة والمتوسطة في مصر وتحدياتها اليومية، بعيداً عن التجميل والمبالغة. كما نوه النقاد إلى الأداء التمثيلي المذهل، خاصة من سناء جميل وعمر الشريف وفريد شوقي وأمينة رزق، حيث رأوا في هذه الأداءات تجسيداً مبهراً للشخصيات التي خرجت من صفحات نجيب محفوظ لتعيش على الشاشة بواقعية مذهلة.
أشار النقاد أيضاً إلى الإخراج المتقن لصلاح أبو سيف، الذي استخدم التصوير والموسيقى لخلق أجواء تتناسب مع الحالة النفسية للشخصيات، وعكس اليأس والأمل بأسلوب سينمائي مبدع. الفيلم لم يقدم حلولاً جاهزة، بل طرح أسئلة عميقة حول الفقر، الأخلاق، ومصير الإنسان في مواجهة الظروف القاسية. على الرغم من النهاية التراجيدية الصادمة، التي كانت نقطة قوة للفيلم، اعتبرها بعض النقاد ضرورية لتعكس الواقعية الشديدة التي أراد الفيلم إيصالها. “بداية ونهاية” يُنظر إليه على أنه عمل جريء في عصره، كسر العديد من التابوهات الفنية والاجتماعية، وفتح الباب أمام نوع جديد من السينما الواقعية التي تتناول قضايا المجتمع بصدق وجدية.
آراء الجمهور: فيلم يلامس الوجدان ويعكس الأصالة
تفاعل الجمهور المصري والعربي مع فيلم “بداية ونهاية” بشكل كبير منذ عرضه الأول، ولا يزال يحظى بشعبية واسعة حتى الآن. لقد لامس الفيلم وجدان المشاهدين بصدق قصته وقدرته على عكس واقعهم أو واقع من حولهم. شعر الكثيرون بالتعاطف الشديد مع شخصيات الفيلم، وخاصة شخصية “نفسية” التي جسدت مأساة الكثير من النساء اللاتي يواجهن ظروفاً اجتماعية واقتصادية صعبة. الأداء العفوي والمقنع لجميع الممثلين جعل القصة تبدو حقيقية ومأساوية، مما أثار مشاعر قوية لدى الجمهور.
الجمهور أشاد بجرأة الفيلم في طرح قضايا اجتماعية حساسة مثل الفقر، الفساد، وتأثير الظروف الاقتصادية على الأخلاق والسلوك البشري. كانت النهاية الصادمة للفيلم نقطة نقاش واسعة بين المشاهدين، حيث اعتبرها البعض قاسية جداً، بينما رأها آخرون ضرورية لتكتمل الرسالة الواقعية للفيلم. هذه النقاشات المستمرة عبر الأجيال تدل على عمق تأثير العمل الفني وقدرته على إثارة التفكير. كما يُقدر الجمهور قدرة الفيلم على تقديم أعمال أدبية عظيمة مثل روايات نجيب محفوظ إلى الشاشة الكبيرة بأسلوب فني رفيع، مما يؤكد على مكانته في الذاكرة الجمعية.
آخر أخبار أبطال العمل الفني
على الرغم من أن معظم نجوم فيلم “بداية ونهاية” قد رحلوا عن عالمنا، إلا أن إرثهم الفني لا يزال حياً ومؤثراً، ويستمر تأثيرهم في الساحة الفنية من خلال أعمالهم الخالدة التي تُعرض وتُدرس حتى اليوم. هذا القسم يستعرض بعضاً من آخر مستجدات إرثهم الفني وتأثيرهم الدائم على الأجيال الجديدة من الفنانين والجمهور.
عمر الشريف
بعد “بداية ونهاية”، انطلق النجم عمر الشريف إلى العالمية ليصبح أحد أشهر الممثلين العرب في هوليوود، وشارك في أفلام عالمية أيقونية مثل “لورنس العرب” و”دكتور زيفاجو” وغيرها. رحل الشريف عام 2015، لكن أعماله السينمائية المصرية والعالمية تظل محط إعجاب وتقدير، ويُذكر دائماً كأحد أبرز الوجوه السينمائية العربية على الساحة الدولية. يُعاد عرض أفلامه وتُحتفى بذكراه باستمرار في المحافل الفنية والثقافية، مما يؤكد على مكانته الأسطورية في تاريخ الفن السابع.
سناء جميل
تُعد سناء جميل أيقونة من أيقونات التمثيل في السينما والمسرح المصري. بعد دورها الخالد في “بداية ونهاية”، قدمت العديد من الأدوار المميزة التي أظهرت تنوعها وقدراتها التمثيلية الفائقة، منها دورها في “الزوجة الثانية” و”السيد أبو العربي وصل”. رحلت سناء جميل عام 2002، ولكن أعمالها الفنية تُدرس كدروس في الأداء التمثيلي المتقن، ولا يزال حضورها قوياً في ذاكرة الجمهور من خلال أفلامها ومسلسلاتها التي تُعرض بشكل متكرر، وتُلهم الأجيال الجديدة من الممثلات.
فريد شوقي وأمينة رزق وباقي النجوم
الفنان الكبير فريد شوقي، “ملك الترسو”، استمر في مسيرة فنية حافلة بالنجاحات، حيث قدم مئات الأفلام والمسلسلات والمسرحيات التي شكلت جزءاً كبيراً من الوجدان الفني المصري قبل رحيله عام 1998. الفنانة الكبيرة أمينة رزق، “عميدة المسرح العربي”، استمرت في عطائها الفني لعقود طويلة بعد “بداية ونهاية”، وقدمت أدوار الأم العظيمة والمرأة الصامدة ببراعة لا تضاهى حتى وفاتها عام 2003. صلاح منصور، أحد أبرز فناني الكاركتر، واصل تقديم أدوار متنوعة ومؤثرة تظل عالقة في الأذهان. إرث هؤلاء الفنانين يظل جزءاً لا يتجزأ من التراث الفني العربي، وتشكل أعمالهم مرجعاً مهماً للمتخصصين وهواة السينما على حد سواء، مما يؤكد أن فيلم “بداية ونهاية” كان نقطة التقاء لمواهب استثنائية تركت بصمة خالدة في تاريخ الفن.
لماذا يظل فيلم بداية ونهاية علامة فارقة في السينما؟
في الختام، يُعد فيلم “بداية ونهاية” أكثر من مجرد فيلم سينمائي؛ إنه وثيقة فنية وتاريخية تعكس فترة مهمة من تاريخ مصر الاجتماعي، وتقدم تحليلاً عميقاً للنفس البشرية في مواجهة قسوة الظروف. بفضل رؤية المخرج صلاح أبو سيف، وعمق رواية نجيب محفوظ، والأداء الاستثنائي لطاقم العمل، نجح الفيلم في تجاوز حدود الزمان والمكان، ليصبح عملاً فنياً عالمياً في مضمونه. لقد أثر الفيلم في أجيال من المشاهدين والنقاد، وفتح نقاشات حول قضايا الفقر، الكرامة، ومصير الفرد في مجتمع متغير.
إن استمرارية عرض الفيلم وارتفاع تقييماته حتى يومنا هذا يؤكدان على قيمته الفنية الخالدة. “بداية ونهاية” ليس مجرد قصة درامية، بل هو درس في الواقعية السينمائية، وكيف يمكن للفن أن يكون مرآة صادقة للمجتمع. إنه يذكرنا بأهمية الفن في طرح الأسئلة الصعبة، وإثارة المشاعر، وتقديم رؤى عميقة عن التجربة الإنسانية بكل تعقيداتها. هكذا يظل هذا الفيلم علامة فارقة، وشاهداً على أن السينما المصرية في عصرها الذهبي كانت قادرة على إنتاج أعمال ذات مستوى عالمي، تترك بصمة لا تمحى في الذاكرة الثقافية للأمة العربية بأسرها.