أفلامأفلام عربي

فيلم العصفور

فيلم العصفور



النوع: دراما، سياسي
سنة الإنتاج: 1974
عدد الأجزاء: 1
المدة: 105 دقائق
الجودة: متوفر بجودة عالية HD
البلد: مصر
الحالة: مكتمل
اللغة: العربية
تدور أحداث فيلم “العصفور” في الفترة التي سبقت هزيمة يونيو 1967، ويركز على أجواء الفساد المستشري في المجتمع المصري. يتابع الفيلم الصحفي الشاب يوسف الذي يحاول كشف قضايا فساد كبرى تورط فيها مسؤولون ورجال أعمال متنفذون. خلال تحقيقاته، يلتقي يوسف بـ “بهية” الفتاة الشعبية المقيمة في إحدى القرى الفقيرة، والتي تكافح ضد الاستغلال والإقطاع. تتشابك قصصهم لتكشف عن صورة أوسع لواقع البلد، حيث يمتد الفساد من الريف إلى العاصمة، ملقياً الضوء على الأسباب العميقة للهزيمة العسكرية التي ألمت بمصر.
الممثلون:
محسنة توفيق، سيف عبد الرحمن، صلاح قابيل، محمود المليجي، علي الشريف، هالة فاخر، أحمد محرز، مريم فخر الدين، عبد الوارث عسر (بالصوت فقط)، محمد منير، حسن حسين، عايدة عبد العزيز، محمد خليل.
الإخراج: يوسف شاهين
الإنتاج: الشركة المصرية العامة للسينما
التأليف: يوسف شاهين، لطفي الخولي

فيلم العصفور: صرخة سينمائية في وجه الفساد والهزيمة

تحفة يوسف شاهين التي فككت أسباب نكسة 1967

يُعد فيلم “العصفور” الصادر عام 1974، للمخرج العالمي يوسف شاهين، واحداً من أبرز الأفلام المصرية التي تناولت مرحلة ما قبل هزيمة يونيو 1967 بشكل نقدي وعميق. هذا العمل السينمائي لا يكتفي بسرد الأحداث التاريخية، بل يغوص في الأسباب الاجتماعية والسياسية العميقة التي أدت إلى تلك النكسة، مقدماً رؤية جريئة ومختلفة عن السرد الرسمي. الفيلم مزيج فريد من الدراما الاجتماعية والسياسية، يعرض ببراعة مظاهر الفساد والاستغلال في المجتمع المصري آنذاك، وكيف أثرت هذه الظواهر على بنية الدولة وروح المواطن، مما جعله مرآة صادقة عكست هموم وتساؤلات جيل كامل.

قصة العمل الفني: تشريح واقع الهزيمة

تُلقي قصة فيلم “العصفور” الضوء على الفترة المحورية التي سبقت هزيمة يونيو 1967، متجاوزة السرد التاريخي السطحي لتبحث في الجذور العميقة للأزمة. يتتبع الفيلم رحلة الصحفي الشاب يوسف، الذي يجسد دور الوعي الباحث عن الحقيقة في مجتمع تتآكله قوى الفساد. يبدأ يوسف تحقيقاته في قضايا فساد اقتصادي وسياسي، ويكتشف شبكة معقدة من المصالح المتشابكة التي تجمع بين مسؤولين كبار ورجال أعمال متنفذين، مستغلين نفوذهم لإثراء أنفسهم على حساب الوطن والمواطنين. هذه القضايا ليست مجرد حكايات فردية، بل هي أعراض لمرض مجتمعي أوسع.

خلال سعيه للكشف عن الحقيقة، يقود يوسف طريقه إلى قرية فقيرة في صعيد مصر، حيث يلتقي ببهية، الفتاة الشعبية القوية التي تمثل روح مصر الأصيلة المقاومة للاستغلال والإقطاع. تعيش بهية وأهل قريتها تحت وطأة الإقطاعيين والظلم الاجتماعي، مما يوضح أن الفساد ليس حكراً على العاصمة أو الطبقات العليا، بل يتغلغل في نسيج المجتمع بأكمله. تتشابك قصة يوسف مع صراع بهية من أجل العدالة والكرامة، لتشكل معاً لوحة بانورامية للواقع المصري في تلك الحقبة الحرجة.

يُبرز الفيلم كيف أن هذا الفساد، بمظاهره المتعددة من استغلال للموارد وتبديد للطاقات، أدى إلى إضعاف الجبهة الداخلية وتفكيك البنية الاجتماعية والنفسية للأمة، مما جعلها عرضة للهزيمة. المشاهد لا تقتصر على تقديم المشكلة، بل تحاول طرح تساؤلات حول مسؤولية الجميع، من القيادة وحتى الفرد، في بناء المجتمع وحمايته. الفيلم يوظف رمزية “العصفور” كدلالة على الروح الوطنية المحبوسة، التي تتوق للتحرر والانطلاق، ولكنه محبوس في قفص من الفساد والخداع.

في ذروة الأحداث، ومع إعلان هزيمة يونيو، يتحول الفيلم إلى صرخة جماعية تعبر عن الصدمة، الخيبة، والغضب، ولكنها أيضاً صرخة أمل في أن ينهض الشعب من كبوته. تظهر شخصيات الفيلم وهي تعاني من مرارة الهزيمة، ولكنها في الوقت نفسه تبدأ في استشعار ضرورة التغيير الداخلي. “العصفور” ليس مجرد فيلم عن حرب وهزيمة، بل هو تحليل عميق للأسباب الكامنة وراء الكوارث الوطنية، و دعوة للتأمل والمراجعة الذاتية من أجل مستقبل أفضل. إنه عمل سينمائي خالد ما زال يرن صداه في الوعي الجمعي.

أبطال العمل الفني: أيقونات أثرت الشاشة

قدم طاقم عمل فيلم “العصفور” أداءً استثنائياً، حيث جسد كل فنان دوره بعمق وصدق، مما أضاف للفيلم قيمته الفنية والتاريخية. يعد هذا الفيلم شاهداً على موهبة فذة لمجموعة من عمالقة السينما المصرية. إليك أبرز المساهمين في هذا العمل:

طاقم التمثيل الرئيسي

قادت الأداء القديرة محسنة توفيق في دور “بهية”، التي أبدعت في تجسيد المرأة المصرية المكافحة والصامدة، وأصبحت أيقونة في تاريخ السينما. إلى جانبها، قدم سيف عبد الرحمن دور الصحفي يوسف بوعي وحساسية، ممثلاً لجيل يبحث عن الحقيقة. صلاح قابيل جسد دوراً مؤثراً، ومحمود المليجي أضاف ثقلاً درامياً كبيراً بحضوره المميز، مجسداً شخصية مركبة تعكس الفساد الخفي. علي الشريف وهالة فاخر وأحمد محرز ومريم فخر الدين، وعبد الوارث عسر (بالصوت فقط)، ومحمد منير في ظهور مبكر له، جميعهم قدموا أدواراً محورية أثرت النسيج الدرامي للفيلم وساهمت في رسم صورة واقعية وشاملة للمجتمع.

مقالات ذات صلة

فريق الإخراج والتأليف والإنتاج

كان العقل المدبر وراء “العصفور” هو المخرج والكاتب العالمي يوسف شاهين، الذي شارك في تأليف الفيلم مع الكاتب الكبير لطفي الخولي. هذه الثنائية الفنية أدت إلى نص سينمائي غني بالرمزية والمعاني العميقة، يعكس رؤية شاهين الثاقبة للمجتمع والسياسة. استطاع يوسف شاهين بإخراجه المتميز أن يحول هذا النص إلى تحفة بصرية، حيث استخدم الكاميرا بحرفية عالية ليعبر عن المشاعر والأفكار المعقدة. أما الإنتاج، فكان للشركة المصرية العامة للسينما، والتي وفرت الدعم اللازم لتقديم هذا العمل الفني الجريء والمعقد بجودة عالية، مما سمح لشاهين بتحقيق رؤيته الفنية دون قيود.

تقييمات ومنصات التقييم العالمية والمحلية

حظي فيلم “العصفور” بتقدير كبير في المحافل الفنية، على الرغم من أن طريقه للعرض كان شاقاً بسبب حساسيته السياسية. على المستوى العالمي، لم يحظ الفيلم بالانتشار الجماهيري الواسع الذي تحظى به الأفلام التجارية، ولكنه نال تقديراً نقدياً في المهرجانات السينمائية المتخصصة. على منصات مثل IMDb، يبلغ متوسط تقييمه حوالي 7.0 من أصل 10، وهو تقييم جيد جداً لفيلم فني يعود إلى فترة السبعينات، مما يعكس بقاء قيمته الفنية والنقدية حتى اليوم. يُعتبر هذا التقييم مؤشراً على جودة العمل ومدى تقدير الجمهور والنقاد له كعمل سينمائي ذي محتوى عميق ومؤثر.

أما على الصعيد المحلي والعربي، فقد نال الفيلم مكانة مرموقة كواحد من أهم الأفلام المصرية التي تناولت قضية هزيمة 1967. بعد رفع الحظر عن عرضه، أصبح “العصفور” مادة دسمة للتحليل والنقاش في الأوساط الثقافية والأكاديمية. يُشار إليه دائماً كفيلم رائد في السينما السياسية المصرية، ويتم تدريسه في المعاهد السينمائية. أجمعت معظم المراجعات المحلية على جرأته الفنية والسياسية، وقدرته على فضح الفساد وتأثيره على مصير الأمة. هذا التقدير المستمر يؤكد على أن الفيلم لم يكن مجرد عمل عابر، بل علامة فارقة في تاريخ السينما العربية، مازال تأثيره ملموساً في الوعي الجمعي.

آراء النقاد: بين الإشادة بالجرأة والجدل حول الرؤية

تعددت آراء النقاد حول فيلم “العصفور”، ولكنها في معظمها كانت تدور حول الإشادة بجرأة المخرج يوسف شاهين في تناول الأسباب الحقيقية وراء هزيمة 1967، وكشفه للفساد المستشري في المجتمع. اعتبر العديد من النقاد الفيلم تحفة فنية وسياسية، حيث تميز بأسلوبه الرمزي، ولغته البصرية المعبرة، وقدرته على إثارة التساؤلات بدلاً من تقديم الإجابات الجاهزة. أثنى النقاد على أداء الممثلين، خاصة محسنة توفيق، التي قدمت دوراً استثنائياً أصبح علامة فارقة في مسيرتها. كما أشاروا إلى السيناريو المحكم الذي كتبه شاهين ولطفي الخولي، والذي نجح في ربط مصائر الشخصيات بمسار الأمة.

على الرغم من الإشادات، أثار الفيلم بعض الجدل بين النقاد، خاصة فيما يتعلق ببعض جوانبه الرمزية التي رأى البعض أنها قد تكون غامضة أو مفتوحة لتأويلات متعددة. كما أن جرأته في انتقاد النظام أدت إلى تحفظات من قبل بعض الجهات في وقت عرضه، مما أخر عرضه لسنوات. ومع ذلك، اتفق غالبية النقاد على أن “العصفور” يعد نقطة تحول في السينما المصرية، ليس فقط لأنه كسر حاجز الصمت حول الهزيمة، بل لأنه قدم نموذجاً للسينما الفكرية التي لا تخشى الغوص في القضايا الشائكة. يظل الفيلم مصدراً للنقاش والتحليل، وشهادة على أن الفن يمكن أن يكون أداة قوية للمساءلة والمراجعة الذاتية.

آراء الجمهور: صدى مؤلم لواقع مرير

تلقى فيلم “العصفور” ردود فعل متباينة من الجمهور عند عرضه، خصوصاً بعد سنوات من المنع والتأجيل. كان الفيلم بمثابة صدمة للكثيرين، حيث قدم رؤية مختلفة تماماً عن السرد الرسمي لأحداث 1967. الجمهور الذي عاصر تلك الفترة وجد في الفيلم مرآة تعكس خيبات أمله وتساؤلاته حول الأسباب الحقيقية وراء النكسة. كان هناك تفاعل كبير مع الشخصيات التي تمثل قطاعات مختلفة من المجتمع المصري، خاصة شخصية “بهية” التي لاقت إشادة جماهيرية واسعة لكونها رمزاً للصمود والنضال الشعبي. الكثيرون شعروا بأن الفيلم يعبر بصدق عن آلامهم ومشاعرهم تجاه تلك المرحلة الحرجة.

وعلى الرغم من طبيعته الفنية والسياسية التي قد لا تجذب كل الجماهير بنفس القدر، إلا أن “العصفور” ترك بصمة عميقة في الوعي الجمعي. أثار الفيلم نقاشات واسعة في الأوساط الثقافية والشعبية حول الفساد، المسؤولية، ودور الفرد في مصير أمته. كثير من الشباب الذين لم يعاصروا الأحداث وجدوا في الفيلم وثيقة تاريخية وفنية مهمة لفهم تلك الفترة. تفاعل الجمهور مع المشاهد الرمزية والمؤثرة، ومع الأداء الصادق للممثلين، مما جعل من “العصفور” فيلماً لا ينسى، وما زال يُشاهد ويُناقش كعمل سينمائي يعكس جزءاً مهماً من تاريخ مصر الحديث ووجدان شعبها.

آخر أخبار أبطال العمل الفني: إرث فني خالد

يُعد فيلم “العصفور” محطة هامة في مسيرة العديد من أبطاله، وكثير منهم تركوا إرثاً فنياً خالداً، بينما واصل آخرون عطاءهم الفني حتى الآن. إليك لمحة عن آخر أخبارهم ومسيرتهم الفنية:

محسنة توفيق

رحلت الفنانة الكبيرة محسنة توفيق في عام 2019، بعد مسيرة فنية حافلة بالروائع، لكن دورها في “العصفور” كـ “بهية” ظل خالداً في ذاكرة السينما المصرية. كانت محسنة توفيق مثالاً للفنانة الملتزمة بقضايا مجتمعها، وقدمت العديد من الأدوار القوية في المسرح والسينما والتلفزيون، تاركة بصمة لا تمحى بصدق أدائها وعمق شخصياتها التي جسدتها. تبقى “بهية” رمزاً للمرأة المصرية المكافحة في الوعي الجمعي بفضل أدائها المذهل.

سيف عبد الرحمن

يواصل الفنان سيف عبد الرحمن مسيرته الفنية الثرية، وقد أصبح من الوجوه المألوفة والمحبوبة في الدراما المصرية. بعد “العصفور”، شارك في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحية، وقدم أدواراً متنوعة أظهرت قدراته التمثيلية. لا يزال سيف عبد الرحمن نشطاً في الساحة الفنية، ويُعرف عنه التزامه بالأدوار التي تحمل رسالة أو قيمة فنية، مما يؤكد على استمرارية العطاء الفني لجيل من الممثلين الملتزمين.

محمود المليجي وصلاح قابيل وعلي الشريف ومريم فخر الدين

تُعد هذه الأسماء من قامات الفن المصري التي رحلت عن عالمنا تاركة خلفها إرثاً فنياً ضخماً. محمود المليجي، “شرير الشاشة” الأيقوني، قدم مئات الأدوار الخالدة قبل وفاته عام 1983، وظل حضوره مؤثراً حتى بعد رحيله. صلاح قابيل، الذي توفي عام 1992، كان فناناً شاملاً وممثلاً بارعاً، وترك بصمة مميزة في كل عمل شارك فيه. علي الشريف، الذي رحل عام 11987، تميز بأدواره الشعبية والكوميدية التي لا تنسى. أما مريم فخر الدين، “حسناء الشاشة”، فقد استمرت في العطاء الفني لعقود قبل وفاتها عام 2014، تاركة رصيداً ضخماً من الأعمال الرومانسية والدرامية التي عشقتها الجماهير. مساهمة هؤلاء العمالقة في “العصفور” كانت جزءاً لا يتجزأ من نجاحه وبقائه في الذاكرة.

محمد منير

ظهر الكينج محمد منير في “العصفور” في دور صغير جداً كطالب، وكانت هذه إحدى بداياته الفنية. منذ ذلك الحين، انطلق منير ليصبح أحد أهم وأشهر المطربين في العالم العربي، بأسلوبه الفريد وصوته المميز. مسيرته الفنية الغنائية والتمثيلية حافلة بالنجاحات، وما زال يقدم الأغاني والألبومات الجديدة، ويُحيي الحفلات حول العالم، محتفظاً بقاعدة جماهيرية ضخمة ومكانة أسطورية في قلوب محبيه.

يوسف شاهين

رحل المخرج العالمي يوسف شاهين في عام 2008، لكن إرثه السينمائي ما زال حياً ومؤثراً. يُعتبر شاهين واحداً من أبرز المخرجين العرب والعالميين، وقد حاز على جوائز عالمية عديدة. “العصفور” كان واحداً من أفلامه التي عكست رؤيته الجريئة وقدرته على استكشاف أعماق النفس البشرية والمجتمع بأسلوب فني فريد. أعماله تُعرض وتُدرس في أرقى المهرجانات والمعاهد السينمائية حول العالم، ويظل شاهين أيقونة للسينما العربية التي تجاوزت حدود المحلية إلى العالمية.

لماذا يظل فيلم العصفور أيقونة سينمائية خالدة؟

في الختام، يظل فيلم “العصفور” ليوسف شاهين أكثر من مجرد عمل سينمائي؛ إنه وثيقة تاريخية وفنية حية، صرخة جريئة في وجه الفساد، وتأمل عميق في أسباب الهزيمة. بقدرته على تشريح الواقع المصري في فترة حرجة، وتقديمه لشخصيات قوية ومعبرة، نجح الفيلم في أن يتجاوز كونه مجرد قصة ليكون مرآة تعكس أوجاع وتطلعات أمة. على الرغم من الجدل الذي أثاره ومنعه لسنوات، إلا أن “العصفور” أثبت قيمته الفنية والفكرية، وظل ملهماً للأجيال، يدعوهم للتفكير في علاقة الفساد بالهزيمة، ودور الفرد في بناء مجتمعه. إنه دليل على أن الفن الحقيقي لا يموت، بل يزداد تألقاً مع مرور الزمن، ويبقى منارة للأجيال القادمة.

[id]
شاهد;https://www.youtube.com/embed/WIPV1iwzrzg|
[/id]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى