فيلم الزمن الباقي

سنة الإنتاج: 2009
عدد الأجزاء: 1
المدة: 109 دقائق
الجودة: متوفر بجودة عالية HD
البلد: فلسطين، إيطاليا، فرنسا، بلجيكا
الحالة: مكتمل
اللغة: العربية، الإنجليزية
إيليا سليمان، علي سليمان، صالح بكري، منال خضر، مينا مسعود، طارق قبطي، زوهيغا إيمليك، زياد بكري، دارين حمود، جودا كازي، لوتشيانو ليبي، خالد نصور، عصمت شحادة، إبراهيم بلهاري.
الإخراج: إيليا سليمان
الإنتاج: نازيرا فيلمز (فلسطين)، فرنسا 3 سينما (فرنسا)، وستريم فيلمز (بلجيكا)، زيكرا فيلمز (إيطاليا)
التأليف: إيليا سليمان
فيلم الزمن الباقي: مرآة التاريخ الفلسطيني وروح المقاومة
رحلة سينمائية فريدة عبر أجيال من الصمود والهوية
يُعد فيلم “الزمن الباقي” (The Remaining Time) الصادر عام 2009، للمخرج الفلسطيني المبدع إيليا سليمان، تحفة سينمائية تتجاوز حدود الزمن والجغرافيا، مقدماً رؤية شخصية وفنية عميقة لتاريخ فلسطين المعاصر. الفيلم، الذي يمزج ببراعة بين السيرة الذاتية والخيال، يأخذ المشاهد في رحلة عبر أربع فصول زمنية تمتد من عام 1948 (عام النكبة) إلى الوقت الحاضر، مسلطاً الضوء على حياة عائلة سليمان وتجربتها في ظل الأحداث التاريخية المتلاحقة. يعكس العمل بأسلوب إيليا سليمان المميز، المليء بالصمت والتفاصيل البصرية والفكاهة السوداء، جوانب من الصمود، الهوية، والبحث عن الوجود في ظل واقع معقد.
قصة العمل الفني: حكايات من قلب فلسطين
يتكون فيلم “الزمن الباقي” من أربع حكايات شبه سيرة ذاتية، كل منها يمثل فترة زمنية مختلفة في تاريخ فلسطين، مع التركيز على مدينة الناصرة. تبدأ القصة في عام 1948، مع سقوط فلسطين وتأسيس إسرائيل، حيث نشاهد والد المخرج، فؤاد، وهو يقاتل ويحاول الحفاظ على بيته وعائلته في ظل الفوضى والاحتلال. تُظهر هذه الأجزاء الأولى كفاح السكان الأصليين للبقاء في أراضيهم والتعامل مع الواقع الجديد المفروض عليهم، وذلك من خلال لقطات تعكس المقاومة اليومية والصمت المطبق في وجه الظلم.
تنتقل الأحداث بعد ذلك إلى فترات لاحقة، متابعة حياة الوالدين، ثم طفولة إيليا سليمان نفسه في الستينيات والسبعينيات، وصولاً إلى عودته المعاصرة إلى الناصرة في الألفية الجديدة. يتميز الفيلم بغياب الحوارات المطولة، حيث يعتمد سليمان بشكل كبير على اللغة البصرية والإيماءات واللقطات الثابتة ليروي قصته. هذا الأسلوب يضفي على الفيلم طابعاً تأملياً وعمقاً، مما يسمح للمشاهد بالتفكير في كل مشهد وتفسير معانيه المتعددة المتعلقة بالاحتلال، النزوح، والهوية.
تتخلل المشاهد لحظات من الفكاهة السوداء والعبثية التي تُعد سمة مميزة لأعمال إيليا سليمان، وهي تكسر حدة الواقع المؤلم وتُضيف بعداً إنسانياً للقصة. يرى البعض أن الفيلم ليس مجرد سيرة ذاتية لعائلة، بل هو سيرة أمة بأكملها، تعكس صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه وهويته رغم التحديات. إنه عمل فني يدعو إلى التأمل في مفهوم الوطن، الذاكرة، والتاريخ من منظور مختلف، بعيداً عن السرديات التقليدية.
يسلط الفيلم الضوء على تفاصيل الحياة اليومية البسيطة التي تتشابك مع الأحداث الكبرى، مما يمنح القصة بعداً إنسانياً قوياً. فمن خلال لحظات الصمت، ونظرات العيون، وحركات الأجساد، يتمكن سليمان من نقل مشاعر القهر، الأمل، الحنين، والمقاومة الخفية التي تميز الوجود الفلسطيني. “الزمن الباقي” ليس مجرد فيلم تاريخي، بل هو قطعة فنية تتنفس تاريخاً حياً، وتدعو الجمهور للتفكير في معنى البقاء والصمود في ظل الظروف الصعبة، وتقديم صورة صادقة عن أثر الأحداث التاريخية على الأفراد والأسر.
أبطال العمل الفني: وجوه تعكس الصمود والإبداع
يتميز فيلم “الزمن الباقي” بكونه عملاً فنياً يشارك فيه المخرج إيليا سليمان نفسه بشكل محوري، ليس فقط من خلال رؤيته الإخراجية والتأليفية، بل أيضاً من خلال تجسيده لشخصية شبه صامتة تراقب الأحداث. إلى جانبه، يضم الفيلم كوكبة من الممثلين الموهوبين الذين قدموا أداءً مؤثراً يعكس تعقيدات الشخصيات وظروفها.
طاقم التمثيل الرئيسي
يقوم المخرج إيليا سليمان بدور النسخة المعاصرة من نفسه، وهو أداء يبرز بفضل حضوره الهادئ وتعبيراته المتقنة التي تُغني المشاهد بالمعنى دون الحاجة لكلمات كثيرة. يؤدي علي سليمان دور الأب فؤاد في شبابه، مقدماً أداءً قوياً يجسد الصمود والمقاومة في عام 1948. صالح بكري يجسد شخصية الأب في فترة لاحقة ببراعة، حيث ينقل مشاعر الأمل والإحباط بصدق. أما منال خضر فتقدم أداءً مؤثراً بدور الأم، معبرة عن القوة الداخلية والصبر التي تميز المرأة الفلسطينية.
ويشارك في الفيلم أيضاً الفنان العالمي مينا مسعود في دور صغير ولكن مؤثر يضيف بعداً للقصة، إلى جانب طارق قبطي الذي يشارك في أدوار داعمة مهمة. هؤلاء الممثلون، بالإضافة إلى باقي طاقم العمل، نجحوا في إيصال رسالة الفيلم بوضوح، معتمدين على تعابير الوجه ولغة الجسد لتعويض قلة الحوار، مما جعل أداءهم عميقاً ولا يُنسى.
فريق الإخراج والإنتاج
يُعد إيليا سليمان هو العقل المدبر وراء “الزمن الباقي”، فهو المخرج، المؤلف، والممثل الرئيسي، مما يجعله عملاً شخصياً للغاية ويعكس رؤيته الفنية الفريدة. لقد أثبت سليمان مرة أخرى قدرته على تقديم سينما فنية ذات مستوى عالمي، تجمع بين الجدية والفكاهة بأسلوب لا يقلد أحداً. أما الإنتاج، فقد شاركت فيه عدة جهات دولية، مما يعكس الأهمية الفنية والسياسية للعمل: نازيرا فيلمز من فلسطين، وفرنسا 3 سينما من فرنسا، ووستريم فيلمز من بلجيكا، وزيكرا فيلمز من إيطاليا. هذا التعاون الدولي ساعد على إنجاز فيلم بمستوى إنتاجي عالٍ وقادر على الوصول إلى جمهور عالمي.
تقييمات ومنصات التقييم العالمية والمحلية
حظي فيلم “الزمن الباقي” باستقبال نقدي إيجابي واسع على المستوى العالمي، مما عكس مكانته كعمل فني فريد ومهم في المشهد السينمائي الدولي. على منصات التقييم العالمية، نال الفيلم تقديرات عالية. فمثلاً، على موقع Rotten Tomatoes، حصل الفيلم على نسبة موافقة بلغت حوالي 90% بناءً على آراء النقاد، مما يشير إلى إجماع نقدي كبير حول جودته الفنية وفرادته. أما على موقع IMDb، فقد تراوح تقييم الفيلم بين 7.0 و 7.5 من أصل 10، وهو ما يُعد تقييماً جيداً جداً لفيلم فني لا يتبع الأنماط التجارية السائدة. هذه التقييمات تعكس تقدير النقاد والمشاهدين لأسلوب إيليا سليمان المميز ورؤيته الفنية.
على الصعيد المحلي والعربي، لاقى الفيلم إشادة كبيرة أيضاً، خاصة في الأوساط الثقافية والفنية التي تُقدر السينما المستقلة والملتزمة بالقضايا الإنسانية. يُعتبر “الزمن الباقي” واحداً من أهم الأفلام الفلسطينية التي خرجت للعالم، وقد تم عرضه في العديد من المهرجانات السينمائية العربية والدولية، حيث حصد جوائز وترشيحات مرموقة. هذا التقدير يؤكد على قدرة الفيلم على تجاوز الحواجز الثقافية واللغوية، وتقديم قصة ذات أبعاد إنسانية عميقة تلامس المشاعر في أي مكان في العالم، وتُسلط الضوء على قضية فلسطين بأسلوب فني رفيع ومبتكر.
آراء النقاد: نظرة متوازنة بين الفنية العالية والعمق السياسي
أثنى النقاد السينمائيون حول العالم على فيلم “الزمن الباقي” لما يتميز به من أسلوب فريد ورؤية سينمائية عميقة. أشاد العديد منهم بعبقرية إيليا سليمان في استخدام الصمت واللقطات البصرية المعبرة بدلاً من الحوار المكثف، معتبرين أن هذا الأسلوب يعزز من قوة الرسالة ويسمح للمشاهد بالتأمل العميق في الأحداث. وصفت بعض المراجعات الفيلم بأنه “كوميديا سوداء شاعرية” تجمع بين الفكاهة والعبثية مع الدراما التاريخية، مما يخلق تجربة مشاهدة مميزة ومؤثرة. كما أُشيد بقدرة سليمان على تجسيد مشاعر الحنين، الفقدان، والصمود في ظل الاحتلال بأسلوب غير مباشر ومبتكر.
لم يخلو الفيلم من بعض التحفظات من قبل بعض النقاد، حيث أشار البعض إلى أن إيقاعه البطيء والاعتماد الكبير على المشاهد الصامتة قد لا يناسب كل أذواق الجمهور، وقد يجد البعض صعوبة في تتبع السرد غير التقليدي. ومع ذلك، اتفق غالبية النقاد على أن “الزمن الباقي” هو عمل فني مهم ومحوري في السينما العالمية، خاصة تلك التي تتناول قضايا الشرق الأوسط. رأوا فيه عمقاً سياسياً وإنسانياً كبيراً، وقدرة على إيصال رسالة قوية عن الوجود الفلسطيني، المقاومة، والبحث عن الهوية في ظل ظروف صعبة، كل ذلك ضمن إطار فني رفيع.
آراء الجمهور: صدى الواقع والانتماء
تفاعل الجمهور مع فيلم “الزمن الباقي” بشكل واسع ومتنوع، وقد ترك الفيلم صدى عميقاً لدى المشاهدين، خاصة أولئك الذين لهم ارتباط بقضية فلسطين أو بتاريخ المنطقة. العديد من المشاهدين أشادوا بواقعية الفيلم وقدرته على تجسيد تجارب الفلسطينيين بطريقة مؤلمة ولكنها صادقة، معبرين عن تأثرهم الشديد بالقصة الإنسانية التي يرويها. الأسلوب الفني الفريد لإيليا سليمان، الذي يعتمد على الصمت والفكاهة السوداء، نال استحسان شريحة كبيرة من الجمهور، الذين وجدوا فيه نهجاً مبتكراً ومؤثراً للتعبير عن قضايا حساسة ومعقدة.
عبر الكثيرون عن تقديرهم للطريقة التي قدم بها الفيلم التاريخ الفلسطيني من منظور شخصي وعائلي، مما جعل الأحداث التاريخية الكبرى تبدو أكثر قرباً وإنسانية. تعليقات المشاهدين على منصات التواصل الاجتماعي والمنتديات الفنية غالباً ما تشير إلى أن الفيلم ليس مجرد ترفيه، بل هو تجربة بصرية وفكرية تدفع للتأمل والتفكير. ورغم أن بعض الجمهور قد يجد إيقاع الفيلم بطيئاً في البداية، إلا أن معظمهم يتفقون على أنه يترك انطباعاً عميقاً ودائماً، ويساهم في فهم أوسع للوضع في فلسطين، ويعزز الإحساس بالانتماء والتضامن مع قصص الصمود هذه.
آخر أخبار أبطال العمل الفني
يواصل نجوم فيلم “الزمن الباقي” تألقهم في الساحة الفنية العالمية والعربية، مقدّمين أعمالاً بارزة تعزز مكانتهم الفنية:
إيليا سليمان
بعد “الزمن الباقي”، استمر المخرج والكاتب والممثل إيليا سليمان في تقديم أعمال سينمائية ذات طابع شخصي وفني عالٍ، حافظ فيها على بصمته الإخراجية الفريدة. يُعد فيلمه “لا بد أنها الجنة” (It Must Be Heaven) الصادر عام 2019 من أبرز أعماله اللاحقة، وقد عُرض في مهرجان كان السينمائي وحصل على إشادات واسعة. يواصل سليمان تقديم سينما تأملية وفكاهية سوداء، يستكشف فيها الهوية، المنفى، والبحث عن الوطن، وتبقى أعماله علامات فارقة في السينما العالمية المستقلة.
علي سليمان
يُعد علي سليمان من أبرز الممثلين العرب على الساحة الدولية، وقد واصل بعد “الزمن الباقي” مشاركته في العديد من الأفلام والمسلسلات العالمية والعربية. برز في أدوار متنوعة ومعقدة، سواء في الإنتاجات الهوليوودية أو الأوروبية أو العربية، مما أظهر قدراته التمثيلية المتعددة اللغات والثقافات. كان له حضور قوي في مسلسلات عالمية مثل “جاك رايان” (Jack Ryan) وأفلام مثل “المملكة” (The Kingdom)، ويستمر في كونها وجهًا مطلوبًا في المشاريع الكبرى.
صالح بكري ومنال خضر
الفنان صالح بكري استمر في مسيرته الفنية المتألقة، وشارك في العديد من الأفلام العربية والدولية التي نالت استحسان النقاد. عُرف بتقديم أدوار عميقة ومؤثرة تعكس قضايا إنسانية واجتماعية، وأصبح واحداً من الوجوه الفنية الفلسطينية والعربية الأكثر حضوراً وتأثيراً. أما الفنانة منال خضر، فقد واصلت مساهماتها في السينما العربية، وقدمت أدواراً مميزة أضافت إلى رصيدها الفني، مؤكدة على موهبتها وحضورها القوي على الشاشة. كلاهما يواصلان إثراء المشهد الفني بأدوارهم المختارة بعناية.
مينا مسعود
الفنان الكندي ذو الأصول المصرية مينا مسعود، والذي شارك في “الزمن الباقي” في دور صغير نسبيًا، حقق شهرة عالمية واسعة بعد بطولته لفيلم ديزني “علاء الدين” (Aladdin) عام 2019. أصبح مسعود اسماً معروفاً في هوليوود، وواصل مشاركته في مشاريع سينمائية وتلفزيونية عالمية، مما رسخ مكانته كنجم صاعد يجمع بين الموهبة الكبيرة والحضور الجذاب. هذا يؤكد على أن فيلم “الزمن الباقي” كان نقطة انطلاق أو محطة مهمة في مسيرة العديد من المواهب الفنية التي باتت تضيء سماء السينما العالمية.
لماذا يظل فيلم الزمن الباقي علامة فارقة في السينما؟
في الختام، يظل فيلم “الزمن الباقي” لإيليا سليمان عملاً سينمائياً استثنائياً يتجاوز كونه مجرد قصة تاريخية أو سيرة ذاتية. إنه شهادة فنية عميقة على الصمود الفلسطيني، وتأمل في طبيعة الهوية، والمنفى، والذاكرة. بأسلوبه الإخراجي المميز الذي يعتمد على الصمت والفكاهة السوداء واللقطات البصرية المعبرة، نجح سليمان في خلق لغة سينمائية خاصة به، تلامس الوجدان وتثير التساؤلات دون الحاجة إلى الكثير من الحوار. الفيلم لم يحظ فقط بإشادة نقدية واسعة، بل ترك أيضاً أثراً عميقاً لدى الجمهور، لأنه يعكس واقعاً مريراً بأسلوب فني راقٍ وملهم. “الزمن الباقي” ليس مجرد فيلم يُشاهد، بل هو تجربة تُعاش، تظل حاضرة في الذاكرة كوثيقة فنية وإنسانية بالغة الأهمية، ومثال ساطع على قوة السينما في سرد القصص المعقدة ببراعة وبلاغة.