فيلم أصحاب ولا أعز

سنة الإنتاج: 2022
عدد الأجزاء: 1
المدة: 99 دقيقة
الجودة: متوفر بجودة عالية HD
البلد: إنتاج مشترك (لبنان، مصر، الإمارات)
الحالة: مكتمل
اللغة: العربية
منى زكي، إياد نصار، نادين لبكي، عادل كرم، جورج خباز، دياموند بو عبود، فؤاد يمين.
الإخراج: وسام سميرة
الإنتاج: Front Row Filmed Entertainment, Empire Entertainment, Film Clinic, Yalla Yalla
التأليف: وسام سميرة، غابرييل يمين (اقتباس عن الفيلم الإيطالي Perfetti Sconosciuti)
فيلم أصحاب ولا أعز: لعبة الأسرار التي هزت العالم العربي
عندما تتحول ليلة عشاء إلى كابوس يكشف المستور
يُعتبر فيلم “أصحاب ولا أعز”، الذي صدر عام 2022 كأول فيلم عربي من إنتاج نتفليكس، محطة فارقة في تاريخ السينما العربية الحديثة. هذا العمل، المقتبس عن الفيلم الإيطالي الشهير “Perfect Strangers”، لم يكن مجرد فيلم درامي، بل كان بمثابة شرارة أشعلت جدلاً مجتمعياً واسعاً. يجمع الفيلم كوكبة من ألمع نجوم مصر ولبنان في إطار قصة تدور أحداثها في مكان واحد وليلة واحدة، حيث تقود لعبة بسيطة وخطيرة إلى كشف أعمق الأسرار وأكثرها قتامة. لقد نجح الفيلم في استقطاب الأنظار، ليس فقط لجودته الفنية وقوة أداء ممثليه، بل لقدرته على طرح أسئلة جريئة حول العلاقات الإنسانية، الخصوصية، والوجوه الخفية التي نرتديها أمام أقرب الناس إلينا.
قصة العمل الفني: عشاء واحد والكثير من الأسرار
تبدأ القصة بدعوة عشاء عادية في منزل مريم (نادين لبكي) وشريف (إياد نصار) اللذين يعانيان من فتور في علاقتهما. ينضم إليهما أصدقاؤهما المقربون: وليد (عادل كرم) وزوجته إيفا (دياموند بو عبود) اللذان يعيشان صراعاً دائماً بسبب حماتها، ومي (منى زكي) وزوجها زياد (جورج خباز) اللذان يبدوان كزوجين مثاليين، بالإضافة إلى صديقهم الأعزب ربيع (فؤاد يمين). الأجواء تبدو ودية ومليئة بالمزاح، لكن يكمن تحت السطح توتر خفي في كل علاقة. أثناء العشاء، ومع مشاهدتهم لظاهرة خسوف القمر، تقترح مريم لعبة جريئة لتغيير الأجواء: أن يشارك الجميع كل ما يرد على هواتفهم مع المجموعة. يوافق الجميع على مضض، غير مدركين أن هذه الموافقة ستكون بداية نهاية عالمهم الهادئ.
مع انطلاق اللعبة، تتوالى الإشعارات والمكالمات التي تكشف في البداية عن أمور طفيفة ومحرجة، مما يثير الضحك والتوتر في آن واحد. لكن سرعان ما تتصاعد وتيرة الأحداث وتأخذ منحى أكثر خطورة. رسالة غرامية تصل لأحد الأزواج من شخص غريب، ومكالمة تكشف عن عملية تجميل سرية، وصورة فاضحة تُرسل بالخطأ. كل إشعار جديد يمثل قنبلة موقوتة تزيل قناعاً جديداً عن شخصياتهم الحقيقية، وتكشف عن خيانات زوجية، وأزمات مالية، وميول شخصية مخفية، وأكاذيب متراكمة على مدى سنوات. يتحول العشاء الودي إلى ساحة محاكمة قاسية، حيث يصبح كل صديق متهماً وقاضياً في نفس الوقت.
يبرع الفيلم في بناء التوتر النفسي بشكل تدريجي ومحكم. فالكاميرا لا تغادر الشقة أبداً، مما يجعل المشاهد يشعر وكأنه محاصر مع الشخصيات في هذا الجحيم الاجتماعي. تتكشف الشخصيات على حقيقتها، فالثقة تتحطم، والشك يحل محل المودة، والصداقات التي بدت صلبة تتهاوى أمام عاصفة الأسرار. يعالج الفيلم بجرأة قضايا حساسة مثل الخيانة الزوجية، والمثلية الجنسية، والأزمات النفسية التي يعاني منها الأفراد بصمت خلف أبواب مغلقة. إنها ليست مجرد قصة عن أسرار الهواتف، بل هي دراسة عميقة للطبيعة البشرية ومدى هشاشة العلاقات التي نبنيها على الأكاذيب والتظاهر.
تصل الأحداث إلى ذروتها في مواجهات كلامية عنيفة وصادمة، حيث لا يعود هناك مجال للتراجع أو التظاهر. كل شخصية تجد نفسها في مواجهة حقيقتها وحقيقة من حولها. النهاية التي يقدمها الفيلم تترك المشاهد في حالة من الصدمة والتساؤل، ليس فقط حول مصير هؤلاء الأصدقاء، بل حول حياته الشخصية وعلاقاته. يطرح الفيلم سؤالاً محورياً: هل معرفة الحقيقة الكاملة نعمة أم نقمة؟ وهل بعض الأسرار من الأفضل أن تبقى مدفونة للحفاظ على سلام هش، أم أن المواجهة هي السبيل الوحيد لعلاقات حقيقية وصادقة؟
أبطال العمل الفني: كوكبة من نجوم العالم العربي
أحد أبرز عوامل قوة فيلم “أصحاب ولا أعز” هو طاقم العمل الذي جمع نخبة من الممثلين الموهوبين من مصر ولبنان، والذين قدموا أداءً تمثيلياً رفيع المستوى. هذا التناغم بين الممثلين ساهم في خلق تجربة سينمائية واقعية ومؤثرة، وجعل المشاهد يصدق كل لحظة من التوتر والصراع الذي يعيشونه.
طاقم التمثيل الرئيسي
تألقت النجمة منى زكي في دور “مي”، وقدمت أداءً قوياً ومعقداً لشخصية تخفي وراء هدوئها أسراراً عميقة، وكان دورها محورياً في الجدل الذي أثاره الفيلم. بجانبها، برع إياد نصار في دور “شريف” الزوج الذي يعاني من أزمة منتصف العمر. وقدمت المخرجة والممثلة القديرة نادين لبكي دور “مريم” بصدق وعمق. أما عادل كرم، فقد أبدع في دور “وليد” الساخر والمضطرب، بينما قدم جورج خباز أداءً استثنائياً في دور “زياد” الذي يعيش صراعاً داخلياً. وأكملت دياموند بو عبود وفؤاد يمين عقد هذه الكوكبة بأدائهما المتقن والمؤثر.
فريق الإخراج والإنتاج
قاد المخرج وسام سميرة هذا العمل ببراعة، حيث نجح في إدارة هذا العدد الكبير من النجوم داخل موقع تصوير واحد ومحدود، وحافظ على إيقاع متصاعد للفيلم دون لحظة ملل. استطاع أن يخلق جواً من التوتر النفسي الخانق، معتمداً بشكل أساسي على قوة الحوار والأداء التمثيلي. السيناريو الذي شارك في كتابته مع غابرييل يمين، حافظ على روح النص الأصلي مع تكييفه ليناسب الثقافة العربية، مما أثار حواراً مجتمعياً واسعاً حول القضايا التي طرحها، وهو ما يعكس جرأة الرؤية الإخراجية والإنتاجية للفيلم.
تقييمات ومنصات التقييم العالمية والمحلية
أحدث فيلم “أصحاب ولا أعز” ضجة كبيرة فور عرضه، وهو ما انعكس بشكل واضح على تقييماته على المنصات المختلفة. على موقع IMDb العالمي، استقر تقييم الفيلم حول 6.0 من 10، وهو تقييم يعكس حالة الاستقطاب الشديدة التي مر بها العمل. فبينما منحه الكثيرون تقييمات عالية إشادة بجرأته وجودته الفنية، منحه آخرون تقييمات منخفضة جداً اعتراضاً على محتواه. لكن النجاح الأكبر للفيلم كان رقمياً، حيث تصدر قوائم المشاهدة على منصة نتفليكس في معظم دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لأسابيع متتالية، محققاً أرقام مشاهدات قياسية.
على الصعيد المحلي والعربي، تجاوزت قصة تقييم الفيلم مجرد الأرقام. أصبح الفيلم ظاهرة اجتماعية وحديث الساعة في كل بيت ومنتدى. المنصات الإخبارية، برامج التوك شو، وصفحات التواصل الاجتماعي، كلها كانت تضج بالنقاشات الحادة حوله. يمكن القول إن التقييم الحقيقي للفيلم لم يكن على مواقع التقييم، بل في الشارع العربي نفسه. لقد نجح في أن يكون “تريند” مستمراً، وهذا بحد ذاته مقياس نجاح لا يمكن تجاهله، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع رسالته ومحتواه.
آراء النقاد: بين الجرأة الفنية والصدمة المجتمعية
انقسمت آراء النقاد بشكل حاد حول الفيلم، تماماً كما انقسم الجمهور. الفريق الأول من النقاد أشاد بالفيلم باعتباره خطوة مهمة نحو الأمام في السينما العربية. أثنوا على جودة الإنتاج العالية، وعلى الأداء التمثيلي القوي والمحترف من جميع أبطاله بلا استثناء. كما رأوا في السيناريو المحكم والإخراج الذكي الذي حافظ على التشويق داخل مكان واحد، دليلاً على نضج فني. هؤلاء النقاد اعتبروا أن جرأة الفيلم في طرح قضايا مسكوت عنها هي ميزة تحسب له، وأنه يعكس واقعاً موجوداً سواء اعترفنا به أم لا، وأن الفن يجب أن يكون مرآة للمجتمع بكل تناقضاته.
على الجانب الآخر، وقفت فئة أخرى من النقاد والمحللين موقفاً مغايراً تماماً. تركزت انتقاداتهم بشكل أساسي على المحتوى، معتبرين أن الفيلم يروج لأفكار وقيم غريبة عن المجتمعات العربية والإسلامية، مثل تطبيع الخيانة الزوجية والدفاع عن المثلية. ورأى البعض أن الفيلم نسخة “مستوردة” لا تعبر عن الواقع المحلي، وأن معالجته لهذه القضايا كانت صادمة ومستفزة لمشاعر شريحة واسعة من الجمهور المحافظ. لم تكن الانتقادات موجهة للجودة الفنية بقدر ما كانت موجهة للرسالة التي يحملها الفيلم، والتي اعتبروها هدامة لقيم الأسرة والمجتمع.
آراء الجمهور: انقسام حاد وجدل غير مسبوق
لم يشهد فيلم عربي في السنوات الأخيرة جدلاً جماهيرياً كالذي أثاره “أصحاب ولا أعز”. تفاعل الجمهور معه كان فورياً وعاصفاً. جزء كبير من المشاهدين، خاصة من فئة الشباب، دافع عن الفيلم بشدة، ورأوا فيه عملاً واقعياً يعبر عن حقيقة العصر الرقمي الذي نعيشه، حيث لكل شخص حياته السرية التي يخفيها في هاتفه. هؤلاء أعجبوا بجرأة الطرح، وتفاعلوا مع الشخصيات وأزماتها، واعتبروا أن الفيلم يدق ناقوس الخطر حول تأثير التكنولوجيا على علاقاتنا الإنسانية، وضرورة الحوار والمصارحة.
في المقابل، قوبل الفيلم بهجوم شرس من قطاع واسع من الجمهور الذي اعتبره فيلماً “خادشاً للحياء” ومخالفاً للتقاليد والأعراف. شنت حملات على وسائل التواصل الاجتماعي لمقاطعة الفيلم ومهاجمة أبطاله، وتركز الهجوم بشكل خاص على النجمة منى زكي بسبب مشهد اعتبره البعض جريئاً جداً. هذا الفريق رأى أن الفيلم يقدم صورة سلبية ومشوهة عن المجتمع العربي، وأنه يشجع على الانحلال الأخلاقي. هذا الانقسام الحاد يعكس حالة التجاذب الثقافي والاجتماعي التي تعيشها المنطقة بين التمسك بالتقاليد والرغبة في الانفتاح.
آخر أخبار أبطال العمل الفني
بعد الضجة الكبيرة التي أحدثها الفيلم، واصل نجومه مسيرتهم الفنية بنجاح وتألق، مؤكدين على مكانتهم في الساحة الفنية.
منى زكي
على الرغم من الهجوم الذي تعرضت له، أثبتت منى زكي أنها نجمة من العيار الثقيل. عادت بقوة في الموسم الرمضاني التالي بمسلسل “تحت الوصاية” الذي حقق نجاحاً نقدياً وجماهيرياً كاسحاً، وحصلت بفضله على العديد من الجوائز، مما رسخ مكانتها كواحدة من أهم الممثلات في جيلها، قادرة على تقديم أدوار مركبة ومؤثرة.
إياد نصار
يواصل النجم إياد نصار حضوره القوي والمتنوع في السينما والدراما المصرية والعربية. شارك في العديد من الأعمال الناجحة بعد الفيلم، متنقلاً ببراعة بين الأدوار المختلفة، سواء في الدراما الاجتماعية أو أعمال الأكشن، ومؤكداً على موهبته الكبيرة وقدرته على تجسيد كافة الشخصيات.
نادين لبكي وباقي النجوم
تواصل المخرجة والممثلة العالمية نادين لبكي مسيرتها المتميزة، حيث تشارك في أعمال عالمية وتحضر لمشاريع إخراجية جديدة. كما يستمر نجوم لبنان، عادل كرم وجورج خباز ودياموند بو عبود وفؤاد يمين، في تقديم أعمال ناجحة في المسرح والسينما والتلفزيون اللبناني والعربي، ويظل كل منهم علامة بارزة في مجاله الفني.
لماذا سيظل فيلم أصحاب ولا أعز محطة فارقة؟
في الختام، يمكن القول إن قيمة فيلم “أصحاب ولا أعز” تتجاوز كونه مجرد عمل سينمائي. لقد تحول إلى حدث ثقافي واجتماعي كشف عن الكثير من التناقضات في مجتمعاتنا. بغض النظر عن موقفك من الفيلم، لا يمكن إنكار أنه نجح في تحقيق ما تفشل فيه الكثير من الأعمال: أن يجعلك تفكر وتناقش وتتخذ موقفاً. لقد أثبت أن السينما لا تزال قادرة على أن تكون أداة قوية للتغيير وإثارة الحوار، حتى لو كان هذا الحوار صادماً للبعض. سيظل هذا الفيلم في الذاكرة ليس فقط بقصته المشوقة وأدائه القوي، بل بكونه العمل الذي كسر جدار الصمت وفتح أبواباً كانت مغلقة بإحكام.