فيلم سوق الجمعة

سنة الإنتاج: 2018
عدد الأجزاء: 1
المدة: 102 دقيقة
الجودة: متوفر بجودة عالية HD
البلد: مصر
الحالة: مكتمل
الغة: العربية
عمرو عبد الجليل، رانيا يوسف، صبري فواز، دلال عبد العزيز، محمد لطفي، نسرين أمين، أحمد فتحي، محمد أحمد ماهر، محمود الجندي، ريهام عبد الغفور، سلوى محمد علي، محمود حجازي، جهاد سعد، شمم الحسن.
الإخراج: سامح عبد العزيز
الإنتاج: أحمد عبد الباسط (فيلم أوف إيجيبت)
التأليف: محمد الطحاوي (قصة)، أحمد عادل سلطان (سيناريو وحوار)
فيلم سوق الجمعة: رحلة قاسية في أعماق عالم منسي
دراما اجتماعية تكشف المستور خلف أسوار السوق الشعبي
يقدم فيلم “سوق الجمعة” الصادر عام 2018، بورتريه سينمائي جريء وقاسٍ لعالم موازٍ يعيش بيننا لكننا نجهل الكثير من تفاصيله. يأخذنا المخرج سامح عبد العزيز في جولة داخل أزقة سوق الجمعة، ليس كسوق لبيع البضائع المستعملة فحسب، بل كمسرح للحياة بكل تناقضاتها، حيث تتجسد فيه قصص البقاء والصراع والألم والأمل. الفيلم ليس مجرد سرد لحكايات متفرقة، بل هو محاولة لرسم لوحة بانورامية لمجتمع المهمشين، الذين يصنعون قوانينهم الخاصة بعيداً عن أعين الدولة والمجتمع الرسمي. يعد العمل تجربة سينمائية مختلفة، تعتمد على واقعية شديدة وأداء تمثيلي قوي من حشد كبير من النجوم.
قصة العمل الفني: يوم في حياة سوق لا ينام
لا يتبع فيلم “سوق الجمعة” حبكة تقليدية ذات بداية ووسط ونهاية واضحة لشخصية واحدة، بل يتبنى أسلوب السرد المتشابك، حيث يقدم قصصاً متعددة تحدث بالتوازي خلال يوم واحد داخل السوق. المحور الذي يربط بين هذه القصص هو المكان نفسه، “سوق الجمعة”، الذي يتحول إلى شخصية رئيسية في الفيلم. نتعرف على شخصيات متنوعة، لكل منها حكايتها وأزمتها الخاصة. هناك كبير السوق الذي يفرض سيطرته بقوة، والشاب الذي يحاول الخروج من دائرة الفقر بأي ثمن، والفتاة التي تبيع جسدها من أجل لقمة العيش، والتاجر الأمين الذي يصارع من أجل الحفاظ على مبادئه وسط عالم فاسد. كل هذه الخيوط الدرامية تتلاقى وتتقاطع لتكشف عن الطبيعة البشرية في أقسى صورها.
يستعرض السيناريو الذي كتبه أحمد عادل سلطان، كيف يمكن لمكان واحد أن يجمع هذا الكم من المتناقضات. نرى الخيانة إلى جانب الوفاء، والجريمة بجوار محاولات التوبة، والقسوة بجوار لمحات من الإنسانية. الفيلم لا يصدر أحكاماً أخلاقية على شخصياته، بل يكتفي بعرض واقعهم كما هو، تاركاً للمشاهد مهمة استخلاص العبر. تتصاعد وتيرة الأحداث تدريجياً خلال اليوم، حيث تؤدي أزمة صغيرة إلى سلسلة من العواقب الكارثية التي تؤثر على الجميع، مبرزة كيف أن مصائر هؤلاء البشر مرتبطة ببعضها البعض بشكل وثيق، حتى وإن لم يدركوا ذلك. الفيلم هو تصوير سينمائي لفكرة “أثر الفراشة” في بيئة شعبية مهمشة.
تصل الدراما إلى ذروتها مع حلول المساء، حيث تنفجر الصراعات المكتومة وتتكشف الأسرار، ويضطر كل شخص لمواجهة مصيره. لا يقدم الفيلم نهاية سعيدة أو حلاً سحرياً لمشاكل شخصياته، بل يترك النهاية مفتوحة وواقعية، تعكس استمرارية المعاناة والصراع في هذا العالم. الرسالة الأساسية التي يطرحها العمل هي أن الفقر والظروف الاجتماعية القاسية يمكن أن تدفع البشر إلى أقصى الحدود، وتجبرهم على اتخاذ خيارات صعبة قد لا تكون أخلاقية دائماً. “سوق الجمعة” هو في جوهره دراسة سوسيولوجية في قالب سينمائي، تبحث في جذور العنف والجريمة في المجتمعات المغلقة والمهمشة.
أبطال العمل الفني: كوكبة من النجوم في أدوار مركبة
يكمن أحد أبرز عوامل قوة فيلم “سوق الجمعة” في اعتماده على فريق تمثيلي ضخم يضم نخبة من ألمع نجوم السينما المصرية، الذين قدموا أدواراً معقدة ومختلفة عن المألوف. استطاع المخرج سامح عبد العزيز أن يوظف كل ممثل في مكانه الصحيح، وأن يستخرج منهم أداءً صادقاً وقوياً يعكس طبيعة الشخصيات التي يجسدونها، مما أضفى على الفيلم مصداقية كبيرة وجعل المشاهد يندمج تماماً مع هذا العالم القاسي والمزدحم.
طاقم التمثيل الرئيسي
قدم النجم عمرو عبد الجليل أداءً استثنائياً في دور “سيد خرطوش”، وهو شخصية محورية ومعقدة تسيطر على السوق. كما تألق الفنان صبري فواز في دور “الملعم” الذي يمثل السلطة التقليدية في السوق. وقدمت الفنانة رانيا يوسف دوراً جريئاً ومختلفاً، وكذلك الفنانة القديرة الراحلة دلال عبد العزيز التي جسدت شخصية الأم المكافحة بواقعية مؤثرة. إلى جانبهم، برع كل من محمد لطفي، نسرين أمين، أحمد فتحي، ومحمد أحمد ماهر في تجسيد نماذج متنوعة من أهل السوق، مضيفين عمقاً وثراءً للوحة البشرية التي يرسمها الفيلم.
فريق الإخراج والتأليف
نجح المخرج سامح عبد العزيز في السيطرة على هذا العدد الكبير من الشخصيات والخطوط الدرامية، وقدم رؤية إخراجية واقعية جعلت الكاميرا تبدو كأنها فرد من أهل السوق، تتجول بحرية لتنقل لنا نبض الحياة اليومية بتفاصيلها الدقيقة. أما السيناريو الذي صاغه أحمد عادل سلطان، فقد تميز بجرأته في تناول هذا العالم الشائك، وبناء شخصيات من لحم ودم، لكل منها منطقها الخاص ودوافعها المفهومة في سياقها الاجتماعي، مما جعل العمل بمثابة وثيقة سينمائية مهمة عن فئة منسية من المجتمع.
تقييمات ومنصات التقييم العالمية والمحلية
لم يحقق فيلم “سوق الجمعة” تقييمات مرتفعة على المنصات العالمية، وهو أمر متوقع للأفلام ذات الطابع المحلي الشديد التي قد لا يتردد صداها بنفس القوة لدى الجمهور العالمي. على سبيل المثال، حصل الفيلم على موقع IMDb (Internet Movie Database) على تقييم متوسط يدور حول 5.0 من 10. هذا التقييم يعكس عادةً آراء شريحة محدودة من الجمهور غير العربي الذي قد يجد صعوبة في فهم السياق الثقافي والاجتماعي العميق للفيلم، أو قد ينفر من قسوة الأحداث والواقعية الشديدة التي يقدمها العمل الفني.
على الصعيد المحلي والعربي، كانت التقييمات أكثر تفهماً لطبيعة الفيلم. على منصات مثل “السينما.كوم”، حصل الفيلم على تقييمات أفضل نسبياً، حيث تراوحت آراء الجمهور بين الإعجاب الشديد بالجرأة والواقعية، والتحفظ على كمية العنف والسوداوية. يعكس هذا التباين في التقييمات أن الفيلم نجح في الوصول إلى الجمهور الذي يستهدفه، وهو الجمهور العربي المطلع على طبيعة هذه العوالم، وأثار جدلاً بينهم، وهو ما يعتبر نجاحاً في حد ذاته للأفلام التي تهدف إلى تقديم رؤية نقدية للمجتمع بدلاً من الترفيه السطحي.
آراء النقاد: بين الواقعية الفنية والفوضى السردية
انقسمت آراء النقاد بشكل واضح حول فيلم “سوق الجمعة”. الفريق الأول أشاد بالفيلم باعتباره عملاً سينمائياً جريئاً ومهماً، يقتحم منطقة شائكة لم تتناولها السينما المصرية بهذا العمق منذ فترة طويلة. أثنى هؤلاء النقاد على الرؤية الإخراجية لسامح عبد العزيز وقدرته على إدارة هذا الحشد من الممثلين وتقديم صورة بصرية قوية وواقعية للسوق. كما كانت الأداءات التمثيلية، خاصة لعمرو عبد الجليل وصبري فواز ودلال عبد العزيز، محل إشادة واسعة، حيث اعتبروها من أفضل أدوارهم وأكثرها صدقاً وقوة.
في المقابل، وجه الفريق الآخر من النقاد بعض الانتقادات للفيلم، تركزت بشكل أساسي على بنية السيناريو. رأى البعض أن تعدد الشخصيات والخطوط الدرامية أدى إلى نوع من التشتت والفوضى السردية، حيث لم يتم تطوير بعض القصص بشكل كافٍ، مما جعلها تبدو سطحية أو غير مكتملة. كما انتقد البعض النهاية المفتوحة والمأساوية، معتبرين أنها تكرس صورة نمطية عن حتمية المصير المظلم للمهمشين دون تقديم أي بصيص أمل. على الرغم من هذه الانتقادات، اتفق الجميع على أن الفيلم يمثل تجربة سينمائية مختلفة تستحق المشاهدة والنقاش.
آراء الجمهور: انقسام حول القسوة والواقعية
كان صدى فيلم “سوق الجمعة” لدى الجمهور مشابهاً لانقسام النقاد. شريحة كبيرة من المشاهدين أعجبت بالفيلم بشدة، ورأت فيه انعكاساً صادقاً ومؤلماً لواقع يعيشه الكثيرون. هؤلاء المشاهدون تفاعلوا مع واقعية الأحداث وقوة الأداء التمثيلي، وشعروا بأن الفيلم نجح في نقلهم إلى قلب هذا العالم المنسي. لقد قدروا جرأة الفيلم في عدم تجميل الواقع وتقديمه كما هو، واعتبروه فيلماً مهماً يطرح أسئلة حقيقية حول العدالة الاجتماعية والفقر وتأثيرهما على السلوك البشري.
على الجانب الآخر، وجد قطاع آخر من الجمهور أن الفيلم كان مفرطاً في سوداويته وقسوته، وأن مشاهد العنف واللغة الحادة كانت صادمة أكثر من اللازم. شعر هؤلاء بأن الفيلم يفتقر إلى رسالة إيجابية، وأنه يترك المشاهد في حالة من الإحباط والتشاؤم. لم يستسغ هذا الفريق غياب البطل التقليدي الذي يمكن التعاطف معه، وشعروا بالضياع وسط كثرة الشخصيات والأحداث. هذا الانقسام في آراء الجمهور يؤكد أن “سوق الجمعة” ليس فيلماً سهلاً أو مريحاً، بل هو تجربة سينمائية تتطلب من المشاهد استعداداً نفسياً لمواجهة حقيقة قد تكون مزعجة.
آخر أخبار أبطال العمل الفني
واصل نجوم فيلم “سوق الجمعة” مسيرتهم الفنية بنجاح كبير بعد عرض الفيلم، مؤكدين على مكانتهم كأعمدة أساسية في صناعة الترفيه في مصر والعالم العربي. يظل هؤلاء النجوم حاضرين بقوة في أعمال متنوعة بين السينما والتلفزيون والمسرح.
عمرو عبد الجليل وصبري فواز
يستمر النجمان عمرو عبد الجليل وصبري فواز في تقديم أدوار مركبة ومهمة. أصبح عمرو عبد الجليل اسماً لامعاً في الكوميديا والدراما على حد سواء، ويختار أدواره بعناية ليقدم دائماً ما هو جديد ومختلف. أما صبري فواز، فقد رسخ مكانته كواحد من أقوى الممثلين على الساحة، حيث يتألق في كل دور يسند إليه، سواء كان بطلاً رئيسياً أو في دور مساند، ويحظى باحترام كبير من النقاد والجمهور.
رانيا يوسف ونسرين أمين
تظل كل من رانيا يوسف ونسرين أمين من النجمات النشطات والمثيرات للجدل بأدوارهن الجريئة وحضورهن القوي. تشاركان باستمرار في بطولة العديد من المسلسلات التلفزيونية التي تحقق نسب مشاهدة عالية، وتثبتان في كل عمل جديد قدرتهما على تجسيد شخصيات متنوعة ومعقدة، مما يجعلهما من الأسماء المطلوبة بقوة في سوق الدراما المصرية.
ذكرى الراحلين: دلال عبد العزيز ومحمود الجندي
ترك الفيلم ذكرى عطرة لاثنين من عمالقة الفن الذين رحلوا عن عالمنا، وهما الفنانة القديرة دلال عبد العزيز والفنان الكبير محمود الجندي. قدم كلاهما في “سوق الجمعة” أدواراً مؤثرة أضافت قيمة كبيرة للعمل. سيظل إرثهما الفني حاضراً في ذاكرة الجمهور، ويعد هذا الفيلم من بين المحطات المهمة في مسيرتهما الحافلة التي أثرت الفن المصري لعقود طويلة، تاركين بصمة لا تُمحى.
لماذا يستحق فيلم سوق الجمعة المشاهدة؟
في الختام، يمكن القول إن فيلم “سوق الجمعة” ليس مجرد فيلم للمتعة العابرة، بل هو تجربة سينمائية عميقة وصادمة تترك أثراً في نفس المشاهد. على الرغم من الانتقادات التي وجهت لسيناريو الفيلم، إلا أنه يظل عملاً مهماً لجرأته في اقتحام عوالم مسكوت عنها، ولتقديمه أداءات تمثيلية من الطراز الرفيع. إنه فيلم يطرح أسئلة أكثر مما يقدم إجابات، ويجبرنا على النظر إلى الجانب المظلم من مجتمعاتنا، وهو ما يجعل منه عملاً فنياً ضرورياً ومؤثراً. إذا كنت من محبي السينما الواقعية التي لا تخشى مواجهة الحقيقة القاسية، فإن “سوق الجمعة” هو بالتأكيد فيلم لا يجب أن تفوته.