فيلم على حلّة عيني

سنة الإنتاج: 2015
عدد الأجزاء: 1
المدة: 102 دقائق
الجودة: متوفر بجودة عالية HD
البلد: تونس
الحالة: مكتمل
اللغة: العربية، الفرنسية
بايا مدفّر، مونتاسار عياري، سليم دازي، فرانسوا غابيل، عائشة بن ميلاد، لزهر بوزيد.
الإخراج: ليلى بوزيد
التأليف: ليلى بوزيد، ماري-صوفي شامبون
الإنتاج: ستيفان بارنتين، رومان لو بريجات، أمين مطاوي
فيلم على حلّة عيني: صرخة الفن في زمن الثورة
رحلة فارح نحو الحرية والتعبير في تونس ما بعد 2011
يُعد فيلم “على حلّة عيني” (المعروف أيضاً باسم “على كف عفريت” أو “As I Open My Eyes”) الصادر عام 2015، تحفة سينمائية تونسية تُجسد ببراعة روح الشباب والطموح الفني في فترة ما بعد الثورة التونسية. يروي الفيلم قصة “فارح”، فتاة شابة موهوبة وعاشقة للموسيقى، تُعبر عن أحلام جيل كامل من خلال أغانيها الملتزمة. يتناول العمل التحديات التي تواجهها فارح وعلاقتها المتوترة مع والدتها، في محاولة للموازنة بين رغبتها في التعبير عن ذاتها فنيًا وبين قيود مجتمع يمر بمرحلة انتقالية حرجة.
قصة العمل الفني: صوت جيل ينهض
تدور أحداث فيلم “على حلّة عيني” حول فارح، شابة تونسية في الثامنة عشرة من عمرها، تكرس حياتها للموسيقى والغناء في فرقة روك ملتزمة. تتمحور القصة حول فترة صيف 2011 في تونس، بعد فترة قصيرة من اندلاع الثورة، حيث تسعى فارح وأصدقاؤها للتعبير عن أفكارهم وقلقهم من خلال فنهم. على الرغم من أن البلاد تمر بمرحلة من الحرية النسبية، إلا أن هناك مخاوف كامنة من عودة القمع أو صعود تيارات جديدة قد تُقيد هذه الحريات. الفيلم يعكس هذا التوتر بشكل واقعي.
الصراع الرئيسي في الفيلم ليس فقط مع المجتمع أو السلطة، بل يتجلى بشكل خاص في علاقة فارح بوالدتها، “هيا”، التي تتبنى موقفاً أكثر حذراً وتخوفاً على ابنتها من تداعيات نشاطها الفني. تحاول الأم جاهدة حماية فارح من مخاطر لا تزال قائمة، بينما تسعى الابنة بشغف لإطلاق صوتها بحرية تامة دون قيود. هذا التباين في الرؤى يخلق توتراً درامياً يلامس قلوب المشاهدين، ويبرز الفجوة بين جيلين في مواجهة التغيرات الاجتماعية والسياسية.
يتميز الفيلم بقدرته على دمج المشاهد الموسيقية بشكل عضوي في السرد، حيث لا تكون الأغاني مجرد فواصل، بل جزءاً لا يتجزأ من القصة والشخصيات، وتعبر عن دواخل فارح وأصدقائها ومواقفهم من الواقع المحيط بهم. الأغاني في الفيلم تحمل رسائل سياسية واجتماعية قوية، مما يجعله عملاً فنياً ذا أبعاد متعددة. يتتبع الفيلم رحلة فارح في استكشاف هويتها الفنية والشخصية، في مواجهة التحديات التي يفرضها المناخ العام في تونس ما بعد الثورة.
بجانب القصة الرئيسية، يتطرق الفيلم إلى قضايا فرعية مهمة مثل أهمية الصداقة والدعم المتبادل بين الشباب في أوقات الأزمات، والتحديات التي يواجهها الفنانون في التعبير عن أنفسهم بحرية، ومفهوم المقاومة من خلال الفن. “على حلّة عيني” ليس مجرد قصة عن فتاة تغني، بل هو مرآة تعكس آمال وتخوفات جيل كامل، وتوثيق لجانب من تاريخ تونس الحديث، مما يجعله عملاً سينمائياً يستحق المشاهدة والتأمل في رسائله العميقة.
أبطال العمل الفني: مواهب تونسية متألقة
قدم طاقم عمل فيلم “على حلّة عيني” أداءً مبهراً، خاصة النجمة الشابة بايا مدفّر في دورها الأول، والتي تمكنت من تجسيد شخصية “فارح” بكل تعقيداتها وشغفها. كما برع بقية الممثلين في إضفاء الواقعية على أدوارهم، مما ساهم في نجاح العمل وتأثيره. إليك أبرز المساهمين في هذا العمل الفني:
طاقم التمثيل الرئيسي
بايا مدفّر (فارح): في دورها السينمائي الأول، قدمت بايا أداءً مذهلاً جسدت فيه روح الشابة الثائرة التي تستخدم الموسيقى كسلاح. موهبتها الصوتية والتمثيلية كانت محط إشادة واسعة. مونتاسار عياري (بوراهين): جسد دور صديق فارح وعازف الجيتار في الفرقة، وأظهر كيمياء واضحة مع بايا. سليم دازي (سامي): والد فارح الذي يحاول التوفيق بين ابنته وزوجته. فرانسوا غابيل (فتحي)، وعائشة بن ميلاد (مريم)، ولزهر بوزيد (زياد) وغيرهم من الممثلين الذين أضافوا عمقاً للشخصيات الثانوية ودعموا الحبكة الرئيسية، مما أثرى النسيج الدرامي للفيلم.
فريق الإخراج والتأليف والإنتاج
المخرجة والمؤلفة: ليلى بوزيد. تعتبر ليلى بوزيد من أبرز الأصوات السينمائية الشابة في تونس، وقد أظهرت رؤية إخراجية ناضجة وحساسية عالية في تناول قضايا الشباب وحرية التعبير. شاركت في كتابة السيناريو مع ماري-صوفي شامبون، ونجحتا في صياغة قصة عميقة وواقعية. الإنتاج: ستيفان بارنتين، رومان لو بريجات، أمين مطاوي. هذا الفريق الإنتاجي الفرنسي-التونسي المشترك وفر الدعم اللازم لإخراج الفيلم بجودة فنية عالية، وساهم في وصوله إلى المهرجانات العالمية وحصوله على التقدير الذي يستحقه. الجهود المتكاملة لكل من طاقم التمثيل وفريق العمل خلف الكواليس هي ما جعل “على حلّة عيني” عملاً فنياً متكاملاً ومؤثراً.
تقييمات ومنصات التقييم العالمية والمحلية
حظي فيلم “على حلّة عيني” بإشادة واسعة وتقييمات عالية على الصعيدين العالمي والمحلي، مما يعكس جودته الفنية وقدرته على تجاوز الحدود الثقافية. شارك الفيلم في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية المرموقة وحصد جوائز عديدة، مما ساهم في رفع مكانته كعمل سينمائي عربي يستحق المشاهدة والتقدير. على منصات التقييم العالمية مثل IMDb، حصل الفيلم على تقييمات جيدة جداً، غالباً ما تتجاوز 7.0 من أصل 10، وهو ما يعد مؤشراً قوياً على قبوله لدى الجمهور والنقاد على حد سواء.
عُرض الفيلم في قسم “أيام البندقية” بمهرجان البندقية السينمائي الدولي، حيث نال جائزة “أفضل فيلم عربي” في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وجائزة “تانيت الذهبي” في أيام قرطاج السينمائية بتونس، وهي من أرفع الجوائز في السينما العربية. هذه الجوائز والترشيحات أكدت على مكانة الفيلم كعمل فني مؤثر. على الصعيد المحلي والعربي، لاقى الفيلم صدى واسعاً وإعجاباً كبيراً، خصوصاً من فئة الشباب التي رأت في “فارح” صوتاً لها ولتطلعاتها بعد الثورة، مما جعله من الأفلام التي حظيت بنقاشات مكثفة وإيجابية في المنتديات والمنصات الفنية.
آراء النقاد: بين الإشادة بالجرأة والتحليل العميق
تلقى فيلم “على حلّة عيني” إشادات نقدية واسعة من قبل النقاد السينمائيين حول العالم، الذين أثنوا على جرأة المخرجة ليلى بوزيد في تناول قضية حساسة مثل حرية التعبير في فترة ما بعد الثورة. أشاد العديد من النقاد بالأداء الطبيعي والمقنع للنجمة الشابة بايا مدفّر، والتي وصفوها بأنها “اكتشاف” للسينما التونسية. كما نوه النقاد إلى السيناريو المحكم الذي يمزج ببراعة بين الدراما الشخصية والتفاصيل الاجتماعية والسياسية، بالإضافة إلى التكامل الرائع بين الموسيقى والسرد، مما جعل الأغاني جزءاً حيوياً من القصة.
تناول النقاد أيضاً العمق النفسي للشخصيات، خاصة العلاقة المتوترة بين فارح ووالدتها، وكيف تعكس هذه العلاقة صراع الأجيال والتحديات التي تواجه الأسر في ظل التغيرات السريعة. اعتبر الكثيرون أن الفيلم ليس مجرد عمل فني، بل وثيقة تاريخية واجتماعية تعكس واقع تونس ما بعد الثورة بصدق وموضوعية. لم تسلم بعض الجوانب من بعض الملاحظات النقدية البسيطة، كوتيرة الأحداث أحياناً، لكن الإجماع كان على أن الفيلم يقدم تجربة سينمائية فريدة ومؤثرة، ويؤكد على مكانة ليلى بوزيد كمخرجة ذات رؤية واضحة ومستقبل واعد في عالم السينما العربية والعالمية.
آراء الجمهور: صدى الواقع والتحديات في قلوب المشاهدين
لاقى فيلم “على حلّة عيني” قبولاً واسعاً واستقبالاً حاراً من قبل الجمهور التونسي والعربي، خاصة فئة الشباب. تفاعل الجمهور بشكل كبير مع واقعية القصة والشخصيات، ووجد الكثيرون في شخصية “فارح” صدى لتطلعاتهم ورغباتهم في التعبير عن الذات والتحرر. الأداء التلقائي والمقنع لبايا مدفّر وبقية طاقم العمل كان محل إشادة كبيرة من الجمهور، الذي شعر بأن الفيلم يلامس قضاياهم اليومية وتحدياتهم في مجتمع يمر بتحولات جذرية.
أثار الفيلم نقاشات واسعة حول قضايا حرية التعبير، دور الفن في التغيير الاجتماعي، الصراع بين الأجيال، والتحديات التي تواجه الشباب في بناء مستقبلهم بعد الثورة. تفاعل الجمهور أيضاً مع الموسيقى التصويرية والأغاني التي أصبحت أيقونات بالنسبة لهم، حيث عكست كلمات الأغاني وموسيقاها آمالهم وأوجاعهم. هذا الصدى الإيجابي يؤكد على أن الفيلم لم يكن مجرد عمل فني عابر، بل تجربة سينمائية أثرت في وجدان الكثيرين وفتحت باباً واسعاً للنقاش حول قضايا المجتمع التونسي المعاصر، مما يجعله علامة فارقة في السينما التونسية الحديثة.
آخر أخبار أبطال العمل الفني
يواصل نجوم فيلم “على حلّة عيني” تألقهم في الساحة الفنية، سواء في تونس أو خارجها، ويقدمون أعمالاً جديدة تعكس تطورهم الفني:
بايا مدفّر (فارح)
بعد دورها المبهر في “على حلّة عيني” والذي كان بمثابة انطلاقتها الحقيقية، واصلت بايا مدفّر مسيرتها الفنية بنجاح. برهنت على أنها ليست مجرد موهبة غنائية، بل ممثلة ذات قدرات عالية. شاركت في عدة أعمال فنية بعد ذلك، محافظة على انتقائها لأدوار ذات قيمة. تواصل بايا مدفّر حضورها الفني وتطوير موهبتها، وتعد من الوجوه الشابة الواعدة التي تنتظرها مسيرة فنية طويلة وثرية في السينما والموسيقى العربية.
ليلى بوزيد (المخرجة والمؤلفة)
رسخت ليلى بوزيد مكانتها كواحدة من أهم المخرجات في السينما العربية والعالمية بعد نجاح “على حلّة عيني”. رؤيتها السينمائية الفريدة وقدرتها على معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية بعمق وحساسية جعلتها محط أنظار المهرجانات والمنتجين. تواصل ليلى بوزيد العمل على مشاريع سينمائية جديدة، وتشارك في لجان تحكيم المهرجانات الدولية، مما يؤكد على مكانتها الفنية وتأثيرها المتزايد في المشهد السينمائي العربي والعالمي. تعد أفلامها من الأعمال المنتظرة دائماً في الأوساط الفنية.
بقية طاقم العمل
بقية طاقم العمل، بمن فيهم الممثلون الداعمون والتقنيون، يواصلون مساهماتهم في الساحة الفنية التونسية والعربية. مونتاسار عياري وسليم دازي وغيرهم من الممثلين الذين شاركوا في الفيلم، يثرون المشهد الدرامي بأعمالهم المتنوعة في التلفزيون والسينما. كل في مجاله، يضيفون إلى رصيد السينما التونسية التي تشهد تطوراً ملحوظاً بفضل جهود هذه الكوكبة من الفنانين والمبدعين، مما يؤكد على استمرارية العطاء الفني الذي ساهم في نجاح فيلم “على حلّة عيني” وجعله عملاً خالداً في تاريخ السينما التونسية المعاصرة.
لماذا يبقى “على حلّة عيني” في الذاكرة؟
في الختام، يظل فيلم “على حلّة عيني” عملاً سينمائياً فارقاً في مسيرة السينما التونسية والعربية، ليس فقط لجودته الفنية العالية وجوائزه العديدة، بل لقدرته على تجسيد روح جيل كامل في فترة تاريخية مفصلية. استطاع الفيلم ببراعة أن يمزج بين الدراما والموسيقى والقضايا الاجتماعية والسياسية، وأن يقدم رسالة قوية حول أهمية حرية التعبير، ودور الفن في المقاومة والتغيير. إن قصة “فارح” وصراعها مع قيود الواقع من أجل صوتها الفني، لا تزال تلامس قلوب المشاهدين، وتجد صدى في كل زمان ومكان.
الفيلم ليس مجرد حكاية فردية، بل هو وثيقة سينمائية تعكس التحديات والآمال التي صاحبت فترة ما بعد الثورة في تونس. قدرته على إثارة النقاش والتأمل في قضايا مثل العلاقة بين الأجيال، ودور المرأة في المجتمع، وحق الشباب في التعبير عن أنفسهم بحرية، تجعله عملاً خالداً. إن الإقبال المستمر عليه، سواء عبر المهرجانات أو المنصات الرقمية، يؤكد على أن “على حلّة عيني” ليس مجرد فيلم عابر، بل تجربة سينمائية عميقة ومؤثرة تظل محفورة في الذاكرة الجمعية كرمز للأمل والمقاومة الفنية.