فيلم إسكندرية ليه

سنة الإنتاج: 1979
عدد الأجزاء: 1
المدة: 133 دقيقة
الجودة: متوفر بجودة عالية ومُرممة
البلد: مصر
الحالة: مكتمل
اللغة: العربية
يوسف شاهين، نجلاء فتحي، فريد شوقي، عزت العلايلي، محمود المليجي، أحمد زكي، محمود جبر، ماري يوسف، يوسف مكر، نيللي محمد جبر، تحية كاريوكا، سامي العدل، أحمد بدير، صلاح ذو الفقار، أحمد فؤاد.
الإخراج: يوسف شاهين
الإنتاج: مصر العالمية للإنتاج السينمائي (يوسف شاهين)
التأليف: يوسف شاهين، محسن زايد
فيلم إسكندرية ليه؟: حكاية مدينة وحلم سينمائي
ملحمة يوسف شاهين الذاتية في زمن الحرب العالمية
يُعتبر فيلم “إسكندرية ليه؟” الصادر عام 1979، واحداً من أبرز إبداعات المخرج المصري العالمي يوسف شاهين، ويمثل جزءاً محورياً في ثلاثيته الإسكندرانية. الفيلم ليس مجرد عمل سينمائي تقليدي، بل هو رحلة شخصية ووطنية في عمق مدينة الإسكندرية خلال الحرب العالمية الثانية، مقدماً مزيجاً فريداً من السيرة الذاتية، الدراما، والتاريخ. من خلال عيون الشاب يحيى، يعكس الفيلم أحلام جيل كامل في مواجهة تحديات الحرب، التنوع الثقافي، والصراعات الاجتماعية، ليقدم لوحة فنية مؤثرة عن البحث عن الهوية والشغف في زمن مضطرب، مسلطاً الضوء على كوزموبوليتانية المدينة وعمق تاريخها.
قصة العمل الفني: الإسكندرية في زمن الحرب والأحلام
يأخذنا فيلم “إسكندرية ليه؟” في رحلة سينمائية آسرة إلى مدينة الإسكندرية الساحرة خلال الأربعينات من القرن الماضي، تحديداً في فترة الحرب العالمية الثانية. يُعد الفيلم بمثابة سيرة ذاتية للمخرج يوسف شاهين، حيث يجسد شخصية “يحيى” التي تمثل شبابه وشغفه بالسينما. يحيى شاب طموح يحلم بالالتحاق بمعهد التمثيل في الولايات المتحدة الأمريكية، ويواجه العديد من التحديات في سبيل تحقيق حلمه، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الصعبة ورفض والده لفكرة سفره.
تتداخل قصة يحيى الشخصية مع الأحداث التاريخية التي تعيشها المدينة تحت وطأة الحرب، حيث يصور الفيلم الوجود المتنوع للجنسيات المختلفة في الإسكندرية من إنجليز، يونانيين، يهود، ومصريين، وكيف تتفاعل هذه المكونات الثقافية والاجتماعية مع بعضها البعض. يتم تناول العلاقات الإنسانية المعقدة، والصداقات التي تتشكل عبر الحواجز الطبقية والدينية، وقصص الحب التي تزهر رغم قسوة الظروف، ما يمنح الفيلم عمقاً إنسانياً فريداً.
يُسلط الفيلم الضوء على التناقضات الكبيرة في المجتمع الإسكندراني آنذاك؛ فبينما يعيش البعض في رخاء نسبي، يكافح آخرون من أجل البقاء في ظل نقص الموارد وتصاعد وتيرة الحرب. يتميز العمل بقدرته على تصوير الحياة اليومية بواقعية شديدة، مع لمسات فنية تعكس رؤية شاهين الإخراجية المتميزة. نرى في الفيلم كيف تؤثر الحرب ليس فقط على الجغرافيا السياسية، بل على النفوس والعلاقات الشخصية، وكيف تختبر قوة الصمود البشري والأحلام الفردية في ظل الأزمات العالمية.
إلى جانب قصة يحيى، يتعرف المشاهد على شخصيات أخرى محورية، مثل فتاة يهودية تُدعى سارة، وعلاقتها بيحيى، والتي تجسد جزءاً من التركيبة الاجتماعية للمدينة. كما يقدم الفيلم شخصيات تمثل شرائح مختلفة من المجتمع، مثل الأرستقراطيين، والعمال، والجنود الأجانب. هذه الشخصيات المتعددة تُشكل نسيجاً غنياً يروي قصة الإسكندرية كمدينة عالمية تتأثر وتؤثر بالصراعات الكبرى، وفي الوقت نفسه تحتضن الآمال الفردية لأبنائها. “إسكندرية ليه؟” ليس مجرد فيلم عن الحرب، بل هو عن الحياة التي تستمر رغم كل شيء، وعن قوة الحلم في مواجهة اليأس.
أبطال العمل الفني: كوكبة من النجوم وصناع الإبداع
يعد فيلم “إسكندرية ليه؟” تحفة فنية جمعت نخبة من ألمع نجوم السينما المصرية في جيلها، بالإضافة إلى عبقرية المخرج يوسف شاهين الذي قدم عملاً يمزج بين السيرة الذاتية والفن. تألقت كوكبة من الممثلين في أدوارهم، وساهمت ببراعة في إبراز تعقيدات القصة وعمق الشخصيات، مما ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ السينما العربية. إليكم تفصيل لأبرز صناع هذا العمل الخالد:
طاقم التمثيل الرئيسي: أيقونات سينمائية
شارك في الفيلم عدد كبير من النجوم الذين تركوا إرثاً فنياً عظيماً. في دور “يحيى” الذي يجسد شخصية يوسف شاهين الشاب، قدم المخرج نفسه أداءً مقنعاً ومؤثراً، مما أضاف بعداً شخصياً للفيلم. تألقت الفنانة القديرة نجلاء فتحي في دور “سارة”، الفتاة اليهودية التي تمثل رمزاً للتعايش وتنوع المجتمع الإسكندراني. كما قدم الأستاذ فريد شوقي أداءً قوياً ومبهراً، وكذلك الفنان عزت العلايلي الذي أضفى على دوره عمقاً كبيراً. لا يمكن إغفال الأداء الأسطوري للفنان محمود المليجي، الذي أضاف بثقله الفني بعداً آخر للفيلم.
ويُعتبر هذا الفيلم بمثابة نقطة انطلاق حقيقية للفنان أحمد زكي، حيث كان أول ظهور له على الشاشة الكبيرة في دور ثانوي، لكنه لفت الأنظار بموهبته الفذة التي توّجته لاحقاً ليصبح أحد أهم نجوم السينما المصرية. بالإضافة إلى هؤلاء، شارك الفيلم نخبة من الفنانين الكبار والوجوه الصاعدة آنذاك منهم: محمود جبر، ماري يوسف، يوسف مكر، نيللي محمد جبر، الفنانة الكبيرة تحية كاريوكا، سامي العدل، أحمد بدير، والفنان القدير صلاح ذو الفقار، أحمد فؤاد. هذه التوليفة من الممثلين منحت الفيلم قوة تمثيلية استثنائية وعمقاً فنياً نادراً.
فريق الإخراج والإنتاج والتأليف: رؤية العبقرية
يعود الفضل الأكبر في هذا العمل الفني العظيم إلى المخرج العبقري يوسف شاهين، الذي لم يكتفِ بإخراج الفيلم وتمثيل دوره الرئيسي، بل شارك أيضاً في تأليف السيناريو إلى جانب الكاتب القدير محسن زايد. هذه الرؤية المزدوجة من شاهين كمخرج ومؤلف، سمحت له بصبغ الفيلم بطابعه الشخصي الفريد، وتقديم حكاية شديدة الصدق والعفوية. أما على صعيد الإنتاج، فقد تولت شركة مصر العالمية للإنتاج السينمائي، وهي شركة أسسها يوسف شاهين نفسه، مسؤولية إنتاج الفيلم، مما يؤكد على استقلاليته الفنية وحرصه على تقديم رؤيته دون مساومة. هذا التعاون المتكامل بين المخرج والمؤلف والمنتج ساهم في إخراج عمل فني متكامل ومحكم، يحمل بصمة يوسف شاهين المميزة في كل تفاصيله.
تقييمات ومنصات التقييم العالمية والمحلية: مكانة رائدة
يحظى فيلم “إسكندرية ليه؟” بمكانة مرموقة في الأوساط الفنية والنقدية، سواء على الصعيد المحلي أو العالمي، ويعتبره الكثيرون من أبرز الأفلام في تاريخ السينما المصرية والعربية. على منصات التقييم العالمية مثل IMDb، يحصل الفيلم عادة على تقييمات مرتفعة تتراوح بين 7.5 و 8.0 من 10، وهو ما يعكس تقدير الجمهور والنقاد لجودته الفنية، عمق قصته، وأداء ممثليه. هذه التقييمات تضعه ضمن قائمة الأفلام العربية الأكثر مشاهدة وتقديراً، مما يؤكد على قدرته على تجاوز الحدود الجغرافية والثقافية.
وعلى الصعيد المحلي والعربي، يعتبر الفيلم إنجازاً سينمائياً كبيراً، وقد نال العديد من الجوائز والتقديرات. فاز الفيلم بجائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي الدولي عام 1979، مما منحه اعترافاً عالمياً. كما يُصنف بانتظام ضمن قوائم أفضل الأفلام المصرية والعربية في استطلاعات الرأي التي تجريها المجلات الفنية والنقاد المتخصصون. يعتبر الفيلم مادة دراسية أساسية في كليات السينما والفنون، ويُعرض في العديد من المهرجانات السينمائية كنموذج للسينما الواقعية والدراما الشخصية، مما يبرز مكانته كعمل فني خالد ومؤثر.
آراء النقاد: شهادة على عبقرية شاهين
تلقى فيلم “إسكندرية ليه؟” إشادات واسعة من النقاد في مصر والعالم، واعتبره الكثيرون تحفة فنية تعكس عبقرية يوسف شاهين. أشاد النقاد بجرأة الفيلم في تناول موضوع السيرة الذاتية للمخرج بأسلوب صادق وعميق، بالإضافة إلى قدرته على دمج القصة الشخصية مع الأحداث التاريخية الكبرى كالحرب العالمية الثانية. أُشير بشكل خاص إلى الإخراج المبتكر لشاهين، والذي تميز بالديناميكية والحيوية، واستخدامه للرمزية والواقعية السحرية لإيصال رسائله الفنية.
كما نوه النقاد بالأداء التمثيلي المتميز لنجوم الفيلم، وخاصة الأداء الطبيعي والعفوي ليوسف شاهين نفسه في دور “يحيى”، والذي كشف عن جانب جديد من شخصيته الفنية. لاقت شخصية “سارة” وأداة نجلاء فتحي استحساناً كبيراً لرمزيتها في تجسيد التنوع الثقافي. وعلى الرغم من أن بعض النقاد قد أشاروا إلى الطابع الشخصي جداً للفيلم الذي قد يجعله أقل جاذبية لبعض الجماهير، إلا أن الإجماع كان على أن “إسكندرية ليه؟” يمثل قمة في مسيرة يوسف شاهين الإخراجية، وأنه فيلم يتخطى حدود الزمان والمكان ليقدم رؤية إنسانية عميقة عن الهوية، الحلم، والتعايش في عالم مضطرب.
آراء الجمهور: قصة تتجاوز الأجيال
لا يزال فيلم “إسكندرية ليه؟” يحظى بشعبية كبيرة بين الجمهور المصري والعربي، ويُعد من الأفلام الكلاسيكية التي تُعاد مشاهدتها باستمرار. يجد الجمهور في الفيلم صدى لقصصهم الشخصية وتجاربهم الإنسانية، على الرغم من تدور أحداثه في فترة زمنية بعيدة نسبياً. الأداء الصادق للممثلين، والقصة التي تمزج بين الحزن والأمل، والكوميديا والتراجيديا، جعلت الفيلم قادراً على لمس قلوب المشاهدين من مختلف الأجيال، ليصبح جزءاً لا يتجزأ من الذاكرة السينمائية الجماعية.
تفاعل الجمهور مع شخصية يحيى وحلمه بالسفر، ووجد الكثيرون فيها انعكاساً لطموحاتهم الخاصة. كما أُعجب الجمهور بقدرة الفيلم على تصوير الحياة في الإسكندرية بتفاصيلها الدقيقة وتنوعها الثقافي، مما أثار حنيناً للماضي لدى البعض، وفضولاً لدى الأجيال الشابة لاستكشاف حقبة تاريخية مهمة. النقاشات حول الفيلم لا تزال مستمرة في المنتديات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، مما يؤكد على مكانته كعمل فني حي وملهم، يتجاوز كونه مجرد فيلم تاريخي ليصبح وثيقة إنسانية عن الأحلام والصمود.
آخر أخبار أبطال العمل الفني
مرت عقود على إنتاج فيلم “إسكندرية ليه؟”، وخلال هذه الفترة، واصل أبطاله مسيراتهم الفنية الحافلة، تاركين إرثاً سينمائياً خالداً. بعضهم رحل عن عالمنا، لكن أعمالهم تظل شاهدة على عطائهم الفني الاستثنائي، بينما استمر آخرون في إثراء الساحة الفنية بأعمالهم المتجددة.
يوسف شاهين: المخرج الأسطورة
توفي المخرج الكبير يوسف شاهين عام 2008، لكن إرثه الفني لا يزال حياً ومؤثراً. بعد “إسكندرية ليه؟” الذي كان جزءاً من ثلاثيته الإسكندرانية، واصل شاهين تقديم أعمال سينمائية جريئة ومبتكرة مثل “حدوتة مصرية” و”إسكندرية كمان وكمان”، و”المصير”، وغيرها، وكلها تحمل بصمته الفنية الفريدة. حصل على العديد من الجوائز العالمية، وظل حتى آخر أيامه أيقونة للسينما العربية، ورائداً في كسر التابوهات وتقديم رؤى فنية عميقة.
نجلاء فتحي: النجمة الخالدة
تعد الفنانة نجلاء فتحي من أبرز نجمات السينما المصرية، وقد واصلت بعد “إسكندرية ليه؟” تقديم أدوار متنوعة ومميزة في أفلام حققت نجاحاً جماهيرياً ونقدياً كبيراً. على الرغم من ابتعادها عن الأضواء في السنوات الأخيرة بسبب ظروف صحية، إلا أن رصيدها الفني الكبير وأدوارها الخالدة لا تزال محفورة في ذاكرة الجمهور العربي، وتعتبر قدوة للكثير من الفنانات الشابات بفضل موهبتها وتألقها.
عمالقة السينما: إرث لا يموت
رحل عن عالمنا معظم العمالقة الذين شاركوا في الفيلم مثل فريد شوقي، عزت العلايلي، محمود المليجي، وصلاح ذو الفقار. ترك هؤلاء الفنانون إرثاً فنياً ضخماً يمتد لعقود، وقدموا مئات الأعمال الخالدة التي أثرت السينما المصرية والعربية. لا يزالون يُعتبرون من أعمدة التمثيل، وتُعرض أفلامهم باستمرار لتُذكر الأجيال الجديدة بعبقريتهم وقدرتهم على تجسيد أدوار متنوعة ببراعة منقطعة النظير. أما باقي النجوم مثل تحية كاريوكا وسامي العدل وأحمد بدير، فقد استمروا في مسيراتهم الفنية الطويلة والمثمرة، وساهموا في إثراء المشهد الفني بأعمالهم المتنوعة في السينما والتلفزيون والمسرح.
أحمد زكي: بداية أسطورة
مثل فيلم “إسكندرية ليه؟” أول ظهور سينمائي حقيقي للنجم الأسطوري أحمد زكي، والذي سرعان ما أصبح أهم ممثل في جيله وواحداً من أعظم الممثلين في تاريخ السينما العربية. بعد هذا الفيلم، انطلق زكي في مسيرة فنية حافلة بالنجاحات، وقدم أدواراً أيقونية في أفلام مثل “زوجة رجل مهم”، “أيام السادات”، “البريء”، وغيرها. تُعد أعماله علامات فارقة في تاريخ السينما، ولا يزال يُذكر بأدائه الاستثنائي وقدرته الفائقة على التقمص.
الخلاصة: إسكندرية ليه؟ أيقونة خالدة في تاريخ السينما
يُعد فيلم “إسكندرية ليه؟” أكثر من مجرد فيلم سينمائي؛ إنه وثيقة تاريخية وشخصية عن فترة حاسمة في تاريخ مصر والعالم، وعن نشأة أحد أهم المخرجين العرب. لقد أثبت الفيلم قدرة يوسف شاهين على مزج الواقع بالخيال، والتاريخ بالسيرة الذاتية، ليقدم عملاً فنياً فريداً من نوعه. تأثير الفيلم لم يقتصر على النقاد والجوائز، بل امتد ليشمل الجمهور، الذي لا يزال يجد فيه مصدراً للإلهام والتأمل في قضايا الهوية، التعايش، والحلم في مواجهة التحديات.
تظل رسالة “إسكندرية ليه؟” عن الصمود، التسامح، والسعي وراء الشغف ذات صلة في كل زمان ومكان. إنه فيلم يتجاوز حدود كونه عملاً درامياً تاريخياً، ليصبح أيقونة خالدة في قلوب محبي السينما، ودليلاً على أن القصة الإنسانية الصادقة، عندما تُروى بعبقرية، يمكن أن تبقى حية ومؤثرة لأجيال قادمة، تذكرنا بأن الأحلام لا تموت حتى في أحلك الظروف.