فيلم إسكندرية كمان وكمان

سنة الإنتاج: 1990
عدد الأجزاء: 1
المدة: 100 دقيقة
الجودة: متوفر بجودة عالية
البلد: مصر
الحالة: مكتمل
اللغة: العربية
يوسف شاهين، يسرا، حسين فهمي، عمرو عبد الجليل، هشام سليم، ميشيل بيكولي، تحية كاريوكا، محمد منير، أحمد محرز، ماهر سليم، أحمد سلامة.
الإخراج: يوسف شاهين
الإنتاج: أفلام مصر العالمية (يوسف شاهين)
التأليف: يوسف شاهين، يوسف عيدابي، خالد يوسف
فيلم إسكندرية كمان وكمان: مرآة يوسف شاهين للعالم والفن
رحلة إبداعية وشخصية في قلب السينما المصرية
يُعد فيلم “إسكندرية كمان وكمان” للمخرج العالمي يوسف شاهين، الصادر عام 1990، علامة فارقة في تاريخ السينما المصرية والعربية. يُصنف هذا العمل كدراما سيرة ذاتية فريدة، حيث يقدم شاهين نفسه محوراً للقصة، مُسلّطاً الضوء على رحلته الفنية والشخصية، وصراعاته كفنان ومخرج في ظل التغيرات الاجتماعية والسياسية. يمثل الفيلم جزءاً من ثلاثيته الشهيرة التي تبدأ بـ”إسكندرية ليه؟” وتستمر في “حدوتة مصرية”، ليعمق شاهين هنا رؤيته الخاصة للفن والحياة، ويشارك الجمهور تفاصيلاً حميمية عن عالمه الداخلي، علاقته بالتمثيل والإخراج، وبزملائه وأصدقائه من الفنانين.
قصة العمل الفني: صراع الفن والواقع
يتناول فيلم “إسكندرية كمان وكمان” بشكل أساسي التحديات التي يواجهها المخرج يوسف شاهين (يلعب دوره هو بنفسه) أثناء محاولته إنجاز فيلم جديد. تدور الحبكة حول رفض أحد أبطال أفلامه السابقة، الفنان يحيى (الذي يجسده حسين فهمي)، المشاركة في عمله الجديد بسبب خلافات فنية وشخصية. هذا الرفض يفتح الباب أمام شاهين لاستعراض مسيرته الفنية، وعلاقاته مع النجوم، والصراعات الداخلية التي يعيشها بين شغفه بالفن وقيود الواقع، وكيف يتأثر الإبداع بالظروف المحيطة.
لا يقتصر الفيلم على السرد الخطي، بل يتداخل فيه الواقع بالخيال، والذكريات بالحلم. يقدم شاهين رؤيته الخاصة للسينما كمرآة للمجتمع، ووسيلة للتعبير عن الذات والتحدي. تبرز قصة حبه لليلى (التي تجسدها يسرا) كبعد إنساني وعاطفي يضيف عمقاً للفيلم، ويعكس جوانب من شخصية شاهين بعيداً عن كونه المخرج العبقري. الفيلم مليء بالاستعارات والرموز التي تعكس قضايا الفن، الحرية، والبحث عن الهوية في سياق سينمائي عربي.
يتطرق العمل أيضاً إلى مواضيع مثل الشهرة، الشيخوخة، والتعامل مع الإرث الفني. يظهر شاهين بجرأة نقاط ضعفه وقوته، مشاكله مع النقاد، وتصوره لمستقبل السينما. المشاهد ينتقل بين كواليس صناعة الأفلام، قاعات المحاكم التي شهدت دعاوى قضائية ضد شاهين، وبين لحظات التأمل الصامت. كل ذلك يُقدم بأسلوب شاهين المميز الذي يجمع بين الواقعية والسريالية، مما يجعل الفيلم تجربة بصرية وفكرية غنية، تدعو المشاهد للتفكير في طبيعة الفن ودور الفنان في المجتمع.
الفيلم ليس مجرد سيرة ذاتية للمخرج، بل هو أيضاً وثيقة عن مرحلة مهمة في تاريخ مصر والسينما المصرية. يُظهر كيف أن الفن لا ينفصل عن الحياة، وكيف أن التجارب الشخصية يمكن أن تتحول إلى إبداعات فنية خالدة. من خلال الحوارات العميقة والشخصيات المتناقضة، يقدم “إسكندرية كمان وكمان” رؤية متكاملة للعلاقة المعقدة بين الفنان وعمله، وبين الذات والعالم، ويؤكد على قوة الفن في تجاوز الحواجز الزمانية والمكانية.
أبطال العمل الفني: عمالقة التمثيل ورؤية المخرج
يتميز فيلم “إسكندرية كمان وكمان” بضم كوكبة من ألمع نجوم السينما المصرية والفرنسية، بالإضافة إلى حضور المخرج يوسف شاهين نفسه كبطل للفيلم. قدم كل فنان أداءً استثنائياً أضاف عمقاً وصدقاً للشخصيات، مما أسهم في جعل هذا العمل أيقونة سينمائية خالدة. تجسدت رؤية شاهين الفنية من خلال تفاعله مع هؤلاء الممثلين، الذين أبدعوا في تقديم أدوارهم المعقدة.
طاقم التمثيل الرئيسي
قاد يوسف شاهين العمل بتمثيله لدوره الخاص، مقدماً تجسيداً فريداً لشخصيته كفنان ومخرج. شاركته البطولة الفنانة القديرة يسرا في دور “ليلى”، التي قدمت أداءً مبهراً يجمع بين الرومانسية والقوة. الفنان حسين فهمي أبدع في دور “يحيى”، الذي يمثل النجم الرافض للعمل، وكانت مشاهده معه من أهم لحظات الفيلم. كما ضم العمل الفنان القدير عمرو عبد الجليل والفنان هشام سليم والفنان محمد منير، الذين أضافوا بأدوارهم المتنوعة أبعاداً مختلفة للقصة. ولا ننسى حضور الفنانة الأسطورية تحية كاريوكا والممثل الفرنسي ميشيل بيكولي، مما أضفى طابعاً عالمياً على العمل.
فريق الإخراج والإنتاج والتأليف
الفيلم من إخراج وتأليف يوسف شاهين، الذي شاركه في التأليف كل من يوسف عيدابي وخالد يوسف. هذه الكوكبة الفنية كانت وراء الرؤية العبقرية والعمق الفني الذي يميز الفيلم. يوسف شاهين بصفته المخرج والمؤلف الرئيسي، كان له السيطرة الكاملة على العمل، مما مكنه من تقديم رؤيته الشخصية بأقصى درجات الإبداع والجرأة. شركة أفلام مصر العالمية، التي أسسها شاهين بنفسه، هي الجهة المنتجة للفيلم، مما يؤكد على استقلاليته الفنية وحرصه على تقديم أعمال تعبر عن رؤيته دون قيود تجارية.
تقييمات ومنصات التقييم العالمية والمحلية
يُعتبر فيلم “إسكندرية كمان وكمان” من الأفلام التي حظيت بتقدير نقدي كبير على الصعيدين المحلي والعالمي، وإن لم يحقق الانتشار الجماهيري الواسع الذي تحظى به الأفلام التجارية. على منصات التقييم العالمية مثل IMDb، يحصل الفيلم على تقييمات تتراوح عادة بين 7.0 إلى 7.5 من أصل 10، وهو معدل ممتاز يعكس جودته الفنية العالية وتقدير الجمهور المتخصص له. هذه التقييمات تشير إلى أن الفيلم يُنظر إليه كعمل فني فريد يستحق المشاهدة من قبل محبي السينما الفنية.
على الصعيد المحلي والعربي، يحظى الفيلم بتقدير كبير في الأوساط النقدية والأكاديمية. يُدرس الفيلم في العديد من المعاهد السينمائية ويُعتبر مثالاً على السينما الذاتية الجريئة. المهرجانات السينمائية العربية والعالمية عادة ما تدرج أفلام يوسف شاهين، بما في ذلك “إسكندرية كمان وكمان”، ضمن قوائمها لأهم الأفلام. هذا التقدير يعكس أهمية الفيلم كجزء من الإرث السينمائي ليوسف شاهين، وكعمل يعبر بصدق عن قضايا الفنان والحرية الإبداعية في السياق المصري والعربي.
آراء النقاد: إشادة بجرأة التجربة
تلقى فيلم “إسكندرية كمان وكمان” إشادات واسعة من النقاد، الذين أجمعوا على جرأة يوسف شاهين في تقديم عمل سيرة ذاتية يكشف فيه عن جوانب شخصية وفنية حساسة. أشاد النقاد بقدرة شاهين على المزج بين الواقعية والسريالية، وبين الكوميديا والدراما، مما خلق تجربة سينمائية فريدة وغير تقليدية. كما نوه الكثيرون إلى الأداء المذهل للطاقم التمثيلي، وخاصة يوسف شاهين نفسه، الذي قدم تجسيداً صادقاً ومؤثراً لشخصيته المعقدة كفنان يواجه تحديات داخلية وخارجية.
ركزت مراجعات النقاد أيضاً على الرسائل الفكرية العميقة التي يحملها الفيلم، مثل علاقة الفن بالسلطة، حرية التعبير، ودور الفنان في مجتمعه. على الرغم من أن بعض النقاد وجدوا أن الفيلم قد يكون معقداً بعض الشيء لبعض الجماهير بسبب بنيته غير التقليدية وتداخل الأزمنة والشخصيات، إلا أنهم اتفقوا على قيمته الفنية الكبيرة وأهميته كوثيقة عن مسيرة يوسف شاهين الفنية. الفيلم يُعتبر عملاً فنياً يثري المكتبة السينمائية العربية، ويدعو للتأمل في العلاقة بين الإبداع والحياة.
آراء الجمهور: بين الإعجاب والتأمل
تنوعت آراء الجمهور حول فيلم “إسكندرية كمان وكمان”، فبينما استقبله جمهور السينما الفنية ومحبو أعمال يوسف شاهين بحفاوة وإعجاب كبير، وجد البعض الآخر صعوبة في استيعاب بنيته السردية غير التقليدية. الجمهور الذي قدر الفيلم أشاد بجرأة شاهين في تناول سيرته الذاتية بتلك الشفافية، وبالعمق الفلسفي الذي يقدمه حول الفن والحياة. تفاعل الكثيرون مع الأداء التمثيلي القوي، خصوصاً أداء شاهين ويسرا وحسين فهمي، واعتبروه من العلامات المميزة في تاريخ السينما المصرية.
على الرغم من أنه ليس فيلماً جماهيرياً بالمعنى التجاري، إلا أنه ترك بصمة عميقة لدى من شاهده وتفاعل معه. الجمهور المتخصص والمهتم بالسينما الفنية يعتبره من روائع يوسف شاهين، ويُشاهد الفيلم مراراً وتكراراً لاكتشاف طبقات جديدة من المعنى والجمال. النقاشات حوله غالباً ما تدور حول رمزيته وتفسيراته المختلفة، مما يؤكد على أنه عمل فني غني يستفز الفكر ويدعو للتأمل، ويبقى حاضراً في الذاكرة السينمائية للجمهور الذي يقدر الفن الأصيل.
آخر أخبار أبطال العمل الفني
يظل نجوم فيلم “إسكندرية كمان وكمان” من أبرز الأسماء في الساحة الفنية المصرية والعربية، حتى بعد مرور سنوات طويلة على إنتاج الفيلم. يواصلون إثراء المشهد الفني بأعمالهم المتنوعة:
يسرا
تعد يسرا إحدى أيقونات السينما والتلفزيون العربي، وما زالت تحافظ على مكانتها كواحدة من أهم النجمات. بعد “إسكندرية كمان وكمان”، واصلت تقديم أدوار بطولة في عشرات الأعمال الدرامية والسينمائية التي حققت نجاحاً جماهيرياً ونقدياً كبيراً. تظهر بانتظام في مواسم رمضان بأعمال قوية، كما أنها نشطة في العمل الخيري وسفيرة للنوايا الحسنة. مسيرتها الفنية تتسم بالتنوع والتألق المستمر.
حسين فهمي
يظل الفنان حسين فهمي من الوجوه البارزة في السينما المصرية. بعد دوره في “إسكندرية كمان وكمان”، استمر في تقديم أدوار متنوعة تجمع بين الجاذبية الفنية والعمق الدرامي. يتولى حالياً رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مما يؤكد على مكانته ليس فقط كممثل، بل كقائد ومؤثر في المشهد الثقافي والفني، ويواصل الظهور في أعمال درامية وسينمائية مختارة.
عمرو عبد الجليل ومحمد منير وهشام سليم
الفنان عمرو عبد الجليل رسخ مكانته كأحد أهم الممثلين أصحاب الأداء الفريد والمميز، ويستمر في تقديم أدوار خالدة في السينما والدراما التي تجمع بين الكوميديا والتراجيديا. أما الفنان محمد منير، “الكينج”، فيواصل مسيرته الغنائية الناجحة، ويقدم حفلات وألبومات تلقى رواجاً كبيراً، بالإضافة إلى مشاركاته التمثيلية المحدودة والمؤثرة. بينما ترك الفنان هشام سليم (رحمه الله) إرثاً فنياً غنياً من الأعمال المميزة التي ستبقى في ذاكرة الجمهور، وقد رحل عن عالمنا في عام 2022 بعد مسيرة حافلة بالعطاء.
يوسف شاهين (رحمه الله)
رحل المخرج الكبير يوسف شاهين عن عالمنا في عام 2008، لكن إرثه الفني لا يزال خالداً ومؤثراً. بعد “إسكندرية كمان وكمان”، أخرج عدة أفلام أخرى مهمة مثل “المهاجر” و”الآخر” و”إسكندرية نيويورك”، مواصلاً تقديم رؤيته السينمائية الفريدة والمليئة بالجرأة والعمق. تُعرض أعماله باستمرار في المهرجانات حول العالم، وتظل مصدراً للإلهام والدراسة للأجيال الجديدة من صناع الأفلام والنقاد.
لماذا يبقى “إسكندرية كمان وكمان” أيقونة سينمائية؟
في الختام، يظل فيلم “إسكندرية كمان وكمان” عملاً فنياً استثنائياً في مسيرة يوسف شاهين، وفي تاريخ السينما العربية بشكل عام. إنه ليس مجرد فيلم سيرة ذاتية، بل هو تأمل عميق في الفن، الحياة، الصراعات الداخلية، والعلاقات الإنسانية. قدرته على تحدي القوالب التقليدية للدراما وتقديم رؤية جريئة ومبتكرة، جعله محط إعجاب النقاد والجمهور المتخصص. الفيلم يمثل شهادة على عبقرية شاهين وقدرته على تحويل تجربته الشخصية إلى عمل فني عالمي، يظل يلامس القلوب ويثير العقول، ويُشاهد مراراً وتكراراً لاكتشاف طبقاته الفنية والفكرية التي لا تنضب. إنه إرث سينمائي خالد يؤكد على أن الفن الحقيقي لا يموت.