فيلم ريش

سنة الإنتاج: 2021
عدد الأجزاء: 1
المدة: 112 دقيقة
الجودة: متوفر بجودة عالية HD
البلد: مصر
الحالة: مكتمل
اللغة: العربية
الإخراج: عمر الزهيري
الإنتاج: محمد حفظي (فيلم كلينيك)، جولييت أوجيه، جان بيريير (Still Moving)
التأليف: عمر الزهيري، أحمد عامر
فيلم ريش: حين يتبدل الواقع وتتغير الحياة
رحلة سريالية إلى أعماق الفقر والمعاناة في مصر
يُعد فيلم “ريش” (Feathers) للمخرج المصري عمر الزهيري، الصادر عام 2021، عملاً سينمائياً فريداً ومثيراً للجدل، يمزج ببراعة بين الدراما القاسية والكوميديا السوداء. يقدم الفيلم نظرة سريالية على حياة عائلة مصرية فقيرة تتغير حياتها بشكل جذري بعد حادثة غريبة وغير متوقعة. حاز الفيلم على الجائزة الكبرى في أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي، مما لفت الأنظار إليه عالمياً، بينما أثار نقاشات حادة محلياً حول طريقة تناوله لقضايا الفقر والواقع الاجتماعي في مصر. يستكشف العمل موضوعات البقاء، التكيف، وقسوة الظروف، من خلال عدسة فنية جريئة ومختلفة.
قصة العمل الفني: تحول غريب وصراع من أجل البقاء
تدور أحداث فيلم “ريش” حول عائلة مصرية من الطبقة الفقيرة، تعيش في ظروف صعبة، حيث يمثل الأب المعيل الوحيد لهم. في إحدى ليالي احتفالهم بعيد ميلاد أحد أبنائه، يستعين الأب بساحر لإضفاء البهجة على الحفل. لكن الأجواء الكوميدية سرعان ما تنقلب إلى واقع سريالي مفاجئ عندما يقوم الساحر بتحويل الأب إلى دجاجة. هذا التحول الغريب وغير المتوقع يقلب حياة الأسرة رأساً على عقب، ويضع الأم (التي تلعب دورها دميانا نصار) في مواجهة تحديات غير مسبوقة.
تجد الأم نفسها فجأة أمام مسؤولية إعالة أبنائها الثلاثة بمفردها، والتعامل مع الظروف المعيشية القاسية في غياب الأب الذي كان سندهم الوحيد. الفيلم يستعرض رحلة الأم في محاولتها للتأقلم مع هذا الوضع المستحيل، وكيف تتحول تدريجياً من امرأة خانعة وضعيفة إلى شخصية قوية وقادرة على تحمل الصعاب واتخاذ القرارات المصيرية. إنها قصة صراع من أجل البقاء في بيئة لا ترحم، حيث تتشابك خيوط الدراما الإنسانية مع لمسات من الكوميديا السوداء التي تعكس المفارقات العجيبة في الحياة.
يغوص “ريش” في أعماق المجتمع المصري المهمش، ويسلط الضوء على تفاصيل الحياة اليومية للأسر الفقيرة، والمعاناة التي يعيشونها في سبيل توفير لقمة العيش. من خلال التحول السريالي للأب، يقدم الفيلم استعارة فنية عميقة عن فكرة “البقاء” و”التكيف” مع الظروف غير المتوقعة. العمل لا يكتفي بعرض الواقع، بل يطرح تساؤلات حول معنى الرجولة، والمسؤولية الأسرية، ودور المرأة في مواجهة الأزمات، كل ذلك بأسلوب فني جريء ومختلف عن السائد في السينما المصرية.
تتطور الأحداث في قالب بطيء وهادئ يعكس رتابة الحياة، ثم تتصاعد ببعض اللحظات المفصلية التي تدفع بالشخصيات إلى حافة الهاوية. يبرز الفيلم بساطة الحياة وقسوتها في آن واحد، ويجعل المشاهد يغوص في عالم الشخصيات ويشعر بمعاناتها. “ريش” ليس مجرد فيلم عن التحول السحري، بل هو تأمل عميق في الفقر، الإنسانية، القدرة على التحمل، وكيف يمكن لحدث واحد أن يغير مسار حياة عائلة بأكملها، مجبراً إياها على اكتشاف جوانب جديدة من قوتها وقدرتها على الصمود.
أبطال العمل الفني: وجوه جديدة وأداء استثنائي
يتميز فيلم “ريش” بكونه يعتمد بشكل كبير على ممثلين غير محترفين أو وجوه جديدة، وهو ما أضفى على العمل طابعاً واقعياً وصادقاً للغاية. هذا الاختيار الجريء من المخرج عمر الزهيري كان أحد الأسباب الرئيسية وراء قوة الفيلم وتأثيره. إليك أبرز أبطال العمل وفريق صناعته:
طاقم التمثيل الرئيسي
تألقت دميانا نصار في دور الأم، مقدمة أداءً طبيعياً ومؤثراً للغاية نال إشادة واسعة من النقاد العالميين والمحليين. استطاعت دميانا، التي لم تمتهن التمثيل من قبل، أن تجسد شخصية الأم التي تُكافح من أجل بقاء أسرتها بصدق وعمق، وأن تعبر عن التحولات النفسية التي تمر بها بطريقة مقنعة. إلى جانبها، قدم سامي بسوني دور الأب المتحول ببراعة، حيث اعتمد على تعبيرات جسدية ووجهية قليلة، لكنها كانت معبرة جداً. محمد عبد الهادي، فادي مينا فوزي، وأبو السعود عيساوي، جسدوا أدوار الأبناء بصدق وعفوية، مما أضاف للفيلم مصداقية كبيرة وعمقاً إنسانياً.
فريق الإخراج والإنتاج
المخرج: عمر الزهيري – المؤلفان: عمر الزهيري وأحمد عامر – المنتج: محمد حفظي (فيلم كلينيك)، جولييت أوجيه، جان بيريير (Still Moving). يعتبر عمر الزهيري المخرج والكاتب الرئيسي للفيلم، وهو من قام ببلورة هذه الرؤية الفنية الفريدة. رؤيته الإخراجية كانت حاسمة في تقديم هذا العمل بأسلوبه المميز، حيث فضل الوجوه الجديدة لضمان أقصى درجات الواقعية. محمد حفظي، أحد أبرز المنتجين في السينما المصرية والعربية، قدم الدعم اللازم للفيلم ليرى النور كإنتاج مستقل وجريء، مما ساهم في وصوله إلى المهرجانات العالمية وحصوله على التقدير الذي يستحقه. التعاون مع منتجين أجانب أضفى بعداً عالمياً على الإنتاج.
تقييمات ومنصات التقييم العالمية والمحلية
حظي فيلم “ريش” باستقبال حار وتقدير كبير على المستوى العالمي، مما عكس قيمته الفنية وأسلوبه المتميز. فاز الفيلم بالجائزة الكبرى في أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي عام 2021، وهي جائزة مرموقة أكدت على جودة الفيلم وفرادته. كما عُرض في العديد من المهرجانات الدولية الكبرى الأخرى وحصد إشادات نقدية واسعة. على منصات التقييم العالمية مثل IMDb، يحمل الفيلم تقييماً يقارب 7.0/10، وهو معدل جيد جداً لفيلم مستقل. أما على موقع Rotten Tomatoes، فقد نال نسبة 91% من تقييمات النقاد الإيجابية، مما يعكس الإجماع النقدي العالمي على تميزه.
على الصعيد المحلي، كان استقبال الفيلم في مصر أكثر تعقيداً وأثار جدلاً واسعاً. فبينما أشاد البعض بجرأة الفيلم وواقعيته في طرح قضايا الفقر والتهميش، اعتبره آخرون مسيئاً لصورة مصر ومبالغاً في تصوير الجانب السلبي من الواقع الاجتماعي. لم يحقق الفيلم نجاحاً تجارياً كبيراً في شباك التذاكر المصري، وذلك يعود جزئياً إلى طبيعته الفنية الجادة والجدل الذي أحاط به، لكنه بالتأكيد أحدث ضجة ثقافية ونقدية كبيرة، مما جعله واحداً من أكثر الأفلام المصرية التي نوقشت في السنوات الأخيرة.
آراء النقاد: بين الإشادة العالمية والجدل المحلي
تلقى فيلم “ريش” إشادات واسعة من النقاد العالميين، الذين أثنوا على جرأته الفنية، أسلوبه السريالي الفريد، وقدرته على معالجة قضايا الفقر والتهميش بأسلوب غير تقليدي. وصف الكثيرون الفيلم بأنه تحفة سينمائية مستقلة، وأشادوا بالأداء المذهل للممثلة دميانا نصار، على الرغم من كونها غير محترفة. ركزت التحليلات النقدية على الرمزية العميقة للتحول إلى دجاجة كاستعارة للعبء والفقر، وعلى قدرة المخرج عمر الزهيري على خلق أجواء مؤلمة ومضحكة في آن واحد، مع المحافظة على الإيقاع الهادئ والدرامي للقصة.
في المقابل، تباينت آراء النقاد المصريين بشكل كبير. انقسم النقاد بين من رأى الفيلم عملاً فنياً جريئاً يفتح نافذة على الواقع القاسي ويستحق التقدير العالمي، وبين من انتقده بشدة معتبراً أنه يبالغ في تصوير الفقر بطريقة قد تشوه صورة مصر عالمياً. أثيرت قضايا مثل “الواقعية القذرة” والمفاضلة بين “الفن من أجل الفن” و”الفن من أجل الوطن”. على الرغم من هذا الانقسام، لا يمكن إنكار أن “ريش” أثار حواراً نقدياً مهماً حول دور السينما في عكس الواقع، وحول الحدود بين الفن والسياسة، مما جعله نقطة تحول في المشهد السينمائي المصري الحديث.
آراء الجمهور: صدى الواقع المؤلم
تباينت آراء الجمهور حول فيلم “ريش” بشكل كبير، خصوصاً في مصر. جزء من الجمهور، وخاصة من الفئة المثقفة ومهتمي السينما المستقلة، أشاد بالفيلم بشدة، واعتبره عملاً فنياً عميقاً وجريئاً يطرح قضايا هامة بأسلوب مبتكر. تفاعل هؤلاء المشاهدون مع القصة السريالية والدراما المؤثرة، وأعربوا عن تقديرهم للأداء التلقائي للممثلين غير المحترفين. رأى الكثيرون أن الفيلم يعكس جانباً من واقع المجتمع المصري لا يتم تناوله بشكل كافٍ في السينما التجارية، وأن جرأته تستحق الثناء.
على الجانب الآخر، واجه الفيلم انتقادات قوية من قطاع واسع من الجمهور، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. اعتبر البعض أن الفيلم يصور صورة سلبية ومبالغ فيها عن مصر، وأنه يركز فقط على الفقر بطريقة قد تسيء لسمعة البلاد. انتقد البعض أيضاً إيقاع الفيلم البطيء ونهايته المفتوحة، ووجدوا صعوبة في فهم الرسائل الرمزية التي يحملها. الجدل الذي أحاط بالفيلم منذ عرضه في مهرجان كان، والذي وصل إلى حد اتهامات بـ”تشويه السمعة”، أثر على قبوله الجماهيري في الداخل، لكنه في الوقت ذاته منحه شهرة واسعة وجعل منه حديث الساعة في الأوساط الفنية والثقافية.
آخر أخبار أبطال العمل الفني
بعد النجاح النقدي الكبير الذي حققه فيلم “ريش” عالمياً، أصبح أبطاله، وخاصة الوجوه الجديدة، محط أنظار. على الرغم من أن أغلب طاقم التمثيل يتكون من ممثلين غير محترفين، إلا أن تجربتهم في هذا الفيلم تركت بصمة واضحة على مسيرتهم وعلى المشهد السينمائي.
الممثلون غير المحترفون: بصمة فنية
دميانا نصار، بطلة الفيلم، والتي قدمت أداءً مبهراً كأم تكافح، أصبحت رمزاً للأداء الطبيعي غير المتكلف في السينما المصرية. على الرغم من أنها لم تشارك في العديد من الأعمال بعد “ريش”، إلا أن دورها في الفيلم لا يزال يُذكر كأحد أبرز الأدوار النسائية في السينما المستقلة. كذلك، سامي بسوني وبقية الأطفال والممثلين الذين جسدوا أدوار العائلة، أثبتوا أن الموهبة لا تقتصر على المحترفين. ساهموا بشكل كبير في واقعية الفيلم ومصداقيته، وفتحوا الباب أمام نقاشات حول أهمية الاعتماد على الوجوه غير المألوفة لإضفاء عمق أكبر على الأعمال الفنية.
المخرج عمر الزهيري: مسيرة واعدة
أصبح المخرج عمر الزهيري، بعد “ريش”، أحد أبرز الأسماء الشابة في الإخراج السينمائي المصري والعربي. النجاح العالمي للفيلم، وتحديداً حصوله على الجائزة الكبرى في أسبوع النقاد بمهرجان كان، رسخ مكانته كصوت سينمائي جريء ومبتكر. الزهيري معروف برؤيته الفنية الفريدة وقدرته على تقديم قضايا اجتماعية معقدة بأسلوب رمزي وسريالي. يُنتظر منه بشغف أعماله القادمة، التي من المتوقع أن تواصل نهجه الفني المميز وتثير المزيد من النقاشات حول قضايا الواقع والمجتمع.
لماذا يبقى فيلم ريش حديث الساعة؟
في الختام، يظل فيلم “ريش” عملاً سينمائياً فارقاً في المشهد الفني المصري والعربي، ليس فقط لإنجازاته العالمية وتقديمه لقصة فريدة من نوعها، بل لقدرته على إثارة الجدل وفتح نقاشات عميقة حول قضايا الفقر، الواقع الاجتماعي، ودور الفن في عكس هذه القضايا. الفيلم، بأدائه الطبيعي وجمالياته السريالية، يترك انطباعاً قوياً في ذهن المشاهد، ويجبره على التفكير في مفارقات الحياة وقسوتها. إن “ريش” ليس مجرد فيلم يُشاهد، بل تجربة تُعاش، تظل حاضرة في الذاكرة وتثبت أن السينما الحقيقية هي تلك التي تجرؤ على لمس الجروح وطرح الأسئلة الصعبة، حتى لو كانت إجاباتها غير مريحة.
شاهد;https://www.youtube.com/watch?v=EXAMPLE_TRAILER_URL|
[/id]